روح التضحية والفداء، تجسدت مبكراً في أول شهيد إماراتي، كان مثالاً بارزاً لمن خلفه، ذلك هو الشرطي سالم بن سهيل الدهماني الذي سجله التاريخ كأول شهيد على رأس قائمة شهداء الوطن في دولة الإمارات العربية المتحدة.
الشهيد سالم كان يحمل بين جوانحه المشاعر المتشبعة بالوطنية وروح الفداء والبسالة وسقوطه شهيداً على تراب الوطن، محل فخر واعتزاز، لبطولته وعزيمته الفذة، في تصديه للقوة الإيرانية الغازية ورفضه أوامرها بإنزال علم الإمارات، حيث أصر على أن يموت دونه، محتضناً إياه، ليروي بدمه الطاهر تراب الوطن في جزيرة طنب الكبرى التي هي جزء من التراب الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، يوم 30 نوفمبر 1971.
هذا التاريخ زادت أهميته، لقربه بيومين من إعلان قيام «اتحاد الإمارات العربية» في الثاني من ديسمبر 1971، لذلك أصبح يوم الشهيد 30 نوفمبر يوماً وطنياً من كل عام، تعزز ذكراه روحَ الفداء والتضحية، بقيمها السامية التي تجلت في الأرواح التي تفدي الوطن، لصد الخطر الخارجي ولحماية راية الاتحاد كي تظل مرفوعةً على الدوام، على هامات الجنود البواسل الذين ضحّوا بأرواحهم، وبرهنوا على ثباتهم في الوقوف ضد مَن يهدد سيادة الدولة وأمنها أو يمس سيادة الأشقاء من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وأمنهم. 
هذا ما أثبتته دولة الإمارات بكل ثقة وعزيمة في حرب «عاصفة الحزم» ضد الإرهاب المتمثل بالميليشيات الحوثية الانقلابية، وما قدمته دولة الإمارات من تضحيات يبرهن على قوة إرادتها السياسية والعسكرية، في الدفاع عن سيادتها وقرارها السياسي، وحماية مكتسباتها الوطنية الاتحادية، وإقامة الأمن والسلام في ربوع الجزيرة العربية وإقليم الخليج العربي ككل.
وبهذه المناسبة العزيزة، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن «يوم الشهيد مناسبة وطنية عزيزة على قلوبنا، نتذكر فيها تضحيات نخبة من أعز وأوفى وأنبل أبناء الإمارات، جادوا بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية في أشرف المعارك من أجل رفعة هذا الوطن المعطاء، وأن الشهداء قناديل نور في تاريخ الوطن ومصدر إلهام للأجيال».
ومن نافل القول أن نتذكر شهداء الوطن الأوائل الذين ضحوا بأرواحهم في «ساحة الخدمة الدبلوماسية»، ويأتي على رأسهم الشهيد سيف غباش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، والشهيد السفير خليفة أحمد المبارك، والشهيد السفير جمعة الكعبي ورفاقه الشهداء الخمسة من رجال الإغاثة الذين كانوا في مهمة إنسانية حيث قُتِلوا في تفجير بقندهار.
قدّمت الإماراتُ قوافل من الشهداء في حربها ضد أعداء السلام في «عاصفة الحزم والأمل»، وضربت أروعَ الأمثلة في التضحية والشجاعة ونصرة الأشقاء في اليمن، وتقديم العون والمساعدات الإنسانية. وسيكتب التاريخ أن دولة الإمارات العربية المتحدة قدّمت دماءَ أبنائها في ميادين الكرامة والشرف، وسجلت قواتُها المسلحةُ الملاحمَ البطوليةَ التي ستبقى خالدةً.
وندعو الله لشهداء الوطن، نيل الحسنيين، بشارة الجنة في الآخرة، وفي الدنيا نصرٌ لوطنهم وشعبهم.

*سفير سابق