لطالما تردّدت على مسامعنا ونحن أطفال عبارة «الاتحاد قوة»، وحين كبرنا أدركنا أن قصة قيام اتحاد الإمارات هي التجسيد الفعليّ لهذه المقولة، إذ في الثاني من ديسمبر عام 1971 تلاحمت إرادة قادة الإمارات، واتّفقوا على السير قُدُماً لبناء دولة عظيمة بقيادة رشيدة لا ترضى سوى بالمركز الأول في شتّى المجالات، وعلى مختلف الصُّعُد. 
ويعدُّ قيام اتحاد الإمارات أحد أبرز إنجازات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، حيث ومَضت فكرة الاتحاد أول مرة في ذهنه الوقّاد المستشرف آفاق المستقبل، وهو حينها حاكم لإمارة أبوظبي، وسانده في تجسيدها واقعاً عمليّاً أخوه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي آنذاك، رحمه الله، فأثمرت جهود سموّهما قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971، ومنذ ذلك الحين اتّخذت الدولة من هذا اليوم عيداً وطنيّاً تخلّده كلّ عام.
وقد تمكّنت الإمارات خلال فترة وجيزة من تحقيق إنجازات بارزة أسهمت في رفعة مكانتها، وفي الارتقاء بالمستوى المعيشي فيها، حيث آمن مؤسّسوها، رحمهم الله، بأن الحياة الكريمة تتطلّب توفير أفضل مستويات الصحة والتعليم لأبناء الوطن، فبادروا عبرهما إلى إرساء معالم نهضة الدولة، وهو النهج ذاتُه الذي تستنير به القيادة الرشيدة الحالية لدولة الإمارات، حيث شهدت الدولة نقلات نوعية مميزة وملحوظة أوصلت إلى توفير تعليم رفيع المستوى لجميع أبناء هذا الوطن والقاطنين فيه، كما تمكّنت خلال فترة وجيزة من تطوير منظومتها الصحية، وهو ما جعلها إحدى الدول المتميزة في المجال الطبّي.
كما سعت القيادة الرشيدة إلى أن تكون الدولة المركز التجاري الأول في الشرق الأوسط والعالم أجمع، وبفضل تلك الرؤية الثاقبة استطاعت الإمارات المضيّ قدُماً نحو التميُّز وتحقيق إنجازات قائمة على تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، وبذلك لفتت أنظار العالم إليها لتكون الوجهة الأولى للراغبين في الاستثمار، إضافة إلى كونها المقصد الأول للراغبين في العمل وتأسيس حياة كريمة. وتجسيداً لإيمان القيادة الرشيدة بمدى أهمية السلام، بات كلّ القاطنين على أرض الدولة يرسم لوحة استثنائية تجسِّد التآخي وتقبُّل الآخر، وهو ما أسهم في أن تصبح الإمارات الأولى عالميّاً في مجال التعايش السِّلمي بين الجنسيات.
وتزهو اليوم دولة الإمارات وهي تُحيي الذكرى الحادية والخمسين لعيدها الوطني بكون هذا الحدث الأغرّ يأتي في ظلّ العهد الميمون لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وهو العهد الذي تخطو فيه الإمارات نحو مرحلة أخرى من تاريخها الحافل والمشرّف، يحدو ركبها ويقود مسيرتها قائدٌ تمرّس على فنون القيادة، يلتفّ حوله شعبه بإجماع عزَّ مثيله، في نموذج فريد يؤكد تميّز تجربة قامت على أسس متينة وقواعد راسخة وكانت نبراساً أضاء الدروب نحو سعادة الإنسان ورفاهيته، وبعث الأمل وبشّر بأن القادم أفضل وأجمل، بإذن الله.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية