جاءت زيارة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي إلى الهند بعد ستة أشهر من قرار الهند والإمارات تنفيذ اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة. وبدأت هذه الاتفاقية التجارية على الفور في تعزيز التجارة بين البلدين. كما أتاحت زيارة سمو الشيخ عبدالله بن زايد للجانبين فرصةَ تقييم مدى تقدم العلاقات الاقتصادية مع مراجعة العلاقات السياسية التي ظلت وثيقةً للغاية بين البلدين.
وناقش الجانبان القضايا الثنائية والعالمية، بما في ذلك أمن الغذاء والطاقة، حيث ازدادت أهمية الأمن الغذائي وأمن الطاقة بسبب حالة عدم اليقين التي سببتها حرب أوكرانيا، والتي أثرت على الاقتصاد العالمي. كما انضمت إلى الاجتماع معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، ووزير خارجية الهند سوبرامنیام جاي شانكار. وعلى الجانب الاقتصادي، شهدت اتفاقية الشراكة حتى الآن زيادة في الاستثمارات، حيث تعد هذه الاتفاقية أول اتفاقية للتجارة الحرة توقعها الهند في السنوات الأخيرة، وتم التفاوض عليها في وقت قياسي كدليل على العلاقات الثنائية المتنامية.
وكانت العلاقات بين البلدين مدفوعة بإدراك قيادتيهما أن العلاقات الثنائية الوثيقة مفيدة لهما معاً. وفي هذا الإطار، ارتفعت التجارة بين الهند والإمارات لتصل إلى 73 مليار دولار. كما تعد الإمارات اليوم ثالث أكبر شريك تجاري للهند بعد الصين والولايات المتحدة، وهو مؤشر واحد فقط على مدى أهمية هذه العلاقة. في عام 2019-2020، بلغ حجم التجارة الثنائية بين الهند والإمارات 59.11 مليار دولار. لكن من المتوقع أن تساعد اتفاقية التجارة الحرة في تعزيز الوصول إلى الأسواق وتخفيض الرسوم الجمركية مع توقع زيادة التجارة الثنائية من 73 مليار دولار حالياً إلى 100 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة.
وأجرى الشيخ عبدالله بن زايد وجاي شانكار مراجعةً شاملةً للتقدم المحرز حتى الآن على صعيد تنفيذ العلاقات الاقتصادية والسياسية الاستراتيجية في إطار الاتفاقية. وقد أدت الرياح العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، حيث ضرب التضخمُ العالمي العديدَ من البلدان. وفي خضم كل هذا، يُنظر إلى الهند على أنها حالة مشرقة مع نمو اقتصادي يقدر بـ7%. وفي الوقت نفسه، يسعى الجانبان أيضاً إلى إجراء تجارة ثنائية بالعملة المحلية، حيث يعمل البنكان المركزيان في البلدين على طريقة للمضي قدماً في تسهيل التجارة بالروبية والدرهم. وأكد المسؤولون الهنود أن هذا سيقلل من تكلفة المعاملات وسيكون بمثابة تعزيز إضافي للعلاقات الاقتصادية وسيعزز العلاقات التجارية بشكل أكبر. كما تم بحث إقامة علاقات تجارية بالعملات المحلية خلال اجتماع وزيري خارجية الدولتين. وسيكون هذا علامةً فارقة أخرى في العلاقات الثنائية عندما يتحقق على أرض الواقع، لأنه سيأتي في وقت يشهد ارتفاعاً في قيمة الدولار وفي أسعار النفط نتيجة لحرب أوكرانيا. وبالنسبة للهند على وجه الخصوص، سيكون من المهم استخدام عملتها المحلية في التجارة الثنائية مع دولة أخرى. ويمتلك البلدان سلة متنوعة من السلع، حيث تشمل صادرات الهند الرئيسة إلى الإمارات المعادن الثمينة والأحجار الكريمة والمجوهرات والمواد الغذائية مثل الحبوب والسكر والمنسوجات والمنتجات الهندسية والآلات والكيماويات. أما أهم واردات الهند من الإمارات فتشمل المنتجات البترولية والنفط والمعادن الثمينة واللؤلؤ وأحجار الأرض والمعادن والكيماويات والمنتجات الخشبية وما إلى ذلك.

وتعد زيارة وزير الخارجية الإماراتي هي الأحدث في سلسلة من التبادلات رفيعة المستوى بين البلدين، مما يدل على التعاون الوثيق على عدة جبهات مهمة، بما في ذلك الأمن ومكافحة غسل الأموال. وقد أدى وزير الخارجية الهندي زيارةً لدولة الإمارات العربية المتحدة في سبتمبر من هذا العام، اتفق خلالها البلدان على تحديد هدف تجارة بقيمة 100 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة. وفي عام 2015، قام رئيس الوزراء ناريندرا مودي بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة، وكانت أول زيارة من نوعها يؤديها رئيس وزراء هندي منذ عدة عقود. وبعد ذلك بعام، قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة إلى الهند.
وتشمل العلاقات بين البلدين مجالات أخرى، بما فيها التعليم. وفي هذا الإطار، تدرس كلية الهندسة الهندية ذات السمعة الدولية، «المعهد الهندي للتكنولوجيا»، إنشاء حرم جامعي جديد في أبوظبي. ويقال إن الخطط تتحرك بسرعة مع زيارة فريق من دلهي لأبوظبي هذا الشهر. من الواضح أن علاقات الهند مع الإمارات تسير في الاتجاه الصحيح مع تعاون أوثق مفيد لكلا البلدين وسط تزايد عدم اليقين العالمي.

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي