واحد وخمسون عاماً من المحبة والخير والسلام والتسامح والأخوة.. واحد وخمسون عاماً من العمل والتنمية والبناء في دولتنا الفتية ووطننا البهي. كل ما في إماراتنا ينضح اليوم بهاءً وشموخاً وعزة وكرامة، وكل ما فيها ومن فيها يضج حركة وحيوية.
خلال واحد وخمسين عاماً تحقق لنا الكثير جداً، والذي نرى أنه مهم وعظيم إذا ما قارنا عمر دولتنا الناشئة بعمر دول أخرى تزيدنا مئات وآلاف السنين. إذن المهم هو البناء والتنمية، ولا شك أن ذلك يقترن ببناء الإنسان وتعزيز قدراته وإمكاناته، وبالتالي كلما آمن الوطن بأبنائه؛ كلما شعروا أنهم ملتصقون به ولا يمكنهم العيش بعيداً عنه، وبالتالي كما يقدم لهم؛ يحاولون أن يقدموا له بالمثل، ويكونون أهلاً له، ويخلصون بمحبتهم له.
مئات آلاف الناس يعيشون بيننا منذ إعلان دولة الاتحاد، وهم يرون ما أراه أنا وسواي من أبناء الإمارات، ويشهدون النهضة التي لم تتوقف يوماً حتى في أصعب الظروف التي شهدتها دول كبرى. هل تذكرون الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم بين عامي 2007 - 2008؟ حكومات الدول الكبرى ضخت مئات مليارات الدولارات لإنقاذ أسواقها معتمدة على دافعي الضرائب، بينما تحملت حكومتنا تبعات الأزمة لحماية اقتصادنا الوطني، وهذا غير خفي على أحد، تلتها أزمة عالمية أخرى تصدت لها الإمارات باقتدار، وهي الأزمة التي خلفها انتشار وباء كوفيد – 19. كل ذلك وسواه يجعلنا نفكر ملياً فيما نحن فيه من خير ونعم.
لسنا وحدنا نفرح بعيد اتحادنا، فأجواء الاحتفالات التي تعم الإمارات هذه الأيام يعيشها كل من يحيا بيننا، وتلك مسألة تسعدنا لأنهم يعلمون أن الإمارات ومنذ ديسمبر 1971 لم تتوقف عن تنمية مقدراتها البشرية والاقتصادية، وهي المسألة التي ركز عليها الآباء المؤسسون الذين سخروا كل شيء من أجل الوحدة والتلاحم لأنهم وجدوا فيهما القوة والمنعة.
منذ عام 1971 والإمارات تسير قُدماً لبناء دولة لا ترضى إلا بالمراكز الأولى في شتى المجالات وعلى الصعد كافة، وخلال سنوات قليلة تمكّنت من التأسيس لنجاحات متتالية في مختلف قطاعات العمل، وهي ماضية بمسيرتها الريادية بروح الفريق الواحد، والتكامل في العمل الحكومي اتحادياً ومحلياً، وتقدم الأفكار والمبادرات الطموحة للخمسين القادمة، وهي الدولة الواعدة التي تتحدى المستحيل لتكون في مقدمة الدول الأكثر تطوراً ونمواً واستقراراً، ليس على مستوى المنطقة وحسب، بل على مستوى العالم في ظل رؤية واضحة وإستراتيجيات حكيمة للقيادة التي رأت أن الإمارات يجب أن تبقى المكان المهيأ والآمن الجاذب، ليس فقط لمن يريد العمل فيها، إنما كذلك لأصحاب الاستثمارات الذين يبحثون دائماً عن المناخ الملائم والمستقر.
هكذا أصبحت الإمارات الوجهة الأولى للراغبين في الاستثمار في مختلف الأنشطة الاقتصادية، ومركزاً لريادة الأعمال والابتكار بفضل ما تمتلكه من بيئة استثنائية تتوافر فيها كل الإمكانات والمقومات. ولا ننسى أن الإمارات باتت أحد مقاصد الشباب الراغب باستكمال تعليمه في مؤسسات تعليمية مهمة، أو لإجراء أبحاثهم في مؤسسات اقتصادية وطنية.
بالإرادة والعزيمة وتسخير الإمكانات استطاعت الإمارات الوصول إلى ما هي عليه اليوم، وما تزال الطريق طويلة لاستكمال مرحلة الخمسين الثانية التي تتطلب جهوداً مضاعفة وتخطيطاً سليماً ووعياً للتعامل مع مستقبل سريع التغير والتحول، وبالتأكيد تستعد حكومتنا لها بكل ما أوتيت من عزم وإصرار وحكمة لأنها تبنت الريادة كخيار ينقل البلد إلى آفاق جديدة.
كثير من الناس يرون في بلدنا الأمان الذي يجعلهم يحبون الإقامة بيننا، لكننا نحن أبناء الإمارات نرى في وطننا كل الأمان والطمأنينة والسكينة، وهذا لا يعدله شيء بالنسبة لنا. كثيرون ينظرون إلى بلدنا بعيونِ محبةٍ ويتمنون أن يعيشوا قسطاً من حياتهم هنا، لكننا نحن أبناء الإمارات ننطر إلى وطننا بعيونٍ عاشقةٍ لكل ما في الإمارات، وكل ما كانت عليه وما هي عليه اليوم.