يعرف أصدقائي علاقة النسب التي تربطني بشخصية عالمية مشهورة، فكلما تردّد اسمه ذكّرتهم بأنه من أهلي، وأنا أقول ذلك لهم من باب النكتة، فهذه الشخصية العالمية من إيطاليا، وهو متزوج من امرأة لبنانية، ولدى هذه المرأة شقيقة متزوجة من إماراتي، وهذا الإماراتي يصير عمّ زوج ابنة شقيقي. 
والمصري إسلام بطاح، والعراقي عمر حسام الدين، والإيراني رضا باراستيش.. يشتركون في التشابه الكبير مع نجم الكرة الأرجنتيني ليونيل ميسي، ولا سيما إذا ارتدوا قميص منتخب الأرجنتين أو نادي برشلونة. وهناك برازيلي يدعى إيغون أوليفيرا لديه شبه كبير بنجم الكرة البرازيلي نيمار جونيور، وقد استغل الرجل ذلك الشبه بأن ذهب إلى الدوحة لحضور بطولة كأس العالم، وصار محط أنظار الناس الذين يعتقدون أنه اللاعب البرازيلي. 
ونحن نعرف الذين يشبهون نجوم الكرة والغناء والتمثيل من حيث معرفتنا بالنجوم أنفسهم، هذا إلى جانب الأشخاص الذين اشتهروا بالشبه ببعض القادة والرؤساء. وإذا كان الأمر كذلك، فلا عجب إذا كان لكل شخص في العالم شبيه واحد على أقل تقدير، أو لعلهم أربعين شبيهاً، كما في المثل الذي يقول: «يخلق من الشبه أربعين». 
ومشاهد الفيديو التي تأتي من قطر هذه الأيام بمناسبة بطولة كأس العالم المقامة هناك، تُظهر أشخاصاً من المكسيك أو إسبانيا وقد ارتدوا الزي الخليجي، ولولا أنّ الفيديو يكون مصحوباً بتعليق حول جنسية أولئك الأشخاص لما عرفنا أنهم من المكسيك أو إسبانيا. وثمة فيديو لمشجع يرتدي الزي الخليجي بقماش من علم البرتغال، وحين سأله المصوّر عن جنسيته، وهو كان يعتقد أنه برتغالي، إذا به كويتي يشجع المنتخب الذي يلعب به لاعبه المفضّل كريستيانو رونالدو. 
وإذا كان يصعب تصوّر وجود شبه بين شخص من الكاميرون وآخر من الصين، أو وجود شبه بين إيرلندي وبنغلاديشي، أو بين روسي وماليزي، فثمةَ وسطاء شبه بين كل هؤلاء. والياباني فيه شبه بالصيني، والذي فيه شبه بالكازاخستاني، والذي فيه شبه بالأوزبكي، والذي فيه شبه بالأفغاني، والذي فيه شبه بالخليجي، والذي فيه شبه بالمصري، والذي فيه شبه بالمغربي، وهكذا ثمة أخوّة شبه بيننا وبين اليابانيين من خلال وسطاء هم أخوة مشتركون. 
والأمر مثل الألوان، فرغم الاختلاف الذي نراه بين اللونين الأحمر والأزرق، فثمة ألوان في المسافة بينهما فيها شيء منهما. وسيكون الأحمر ناقصَ عقل لو احتقر الأزرق وقال أنا خير منه، فبعض درجات الأحمر تميل إلى بعض درجات البنفسجي، والتي تميل بدورها إلى بعض درجات الأزرق، وإذا كان لا يمكن للأحمر التنكّر للبنفسجي، لأنه بذلك سينكر بعض نفسه، فهو لا يمكنه التنكّر للأزرق الذي يتشارك معه في البنفسجي. 
لذلك فالأخوة الإنسانية ليست مجرد شعار جميل، بل هي حقيقة ماثلة أمامنا، فالبشر أهل وأقارب، وذلك الإيطالي المعروف هو قريبي بطريقة ما، والياباني يشبهني بتدرّج ما، وهذه اللغات والعقائد التي تبدو في ظاهرها مختلفة تماماً، هي قريبة من بعضها بطريقة ما، وتشبه بعضها بطريقة ما. 

*كاتب إماراتي