يشعر العديد من الأميركيين بالقلق من أن الشروط والعناصر الأساسية اللازمة من أجل اعتبار بلد ما «ديمقراطياً» باتت مهدَّدة، وأن نظام العدالة الأميركي بدأ يخذل مواطنيه، مشيرين في هذا الصدد إلى اكتظاظ السجون والتفاوت في معاملة مجموعات مختلفة من المجتمع، وتفاوت الأحكام بالسجن التي تصدر بحق المواطنين غير البيض الفقراء. كما يشيرون إلى المعاملة السيئة التي كان يلقاها الرياضيون غير البيض على مر السنين، وحقيقة أن رياضيين سوداً حُرموا من اللعب في فرق كبيرة لكرة البيسبول. وهذا الأمر لم يتغير حتى عام 1959. هذا في حين يشير آخرون إلى الضحايا البيض لعمليات تطهير سياسي حدثت بشكل دوري، وكان آخرها خلال حملة «مطاردة الساحرات» المناوئة للشيوعيين في خمسينيات القرن الماضي. بواعث القلق هذه كانت حقيقيةً، لكن الخبر السار هو أن تضافر مجموعة من العوامل التي تشمل التكنولوجيا والدعاية والضغط غيّرَ المشهدَ إلى الأحسن. فقبل حوالي ثلاثة عقود أتاح تطورُ تكنولوجيا اختبار الحمض النووي إعادةَ فتح قضايا جنائية، وأثبت على نحو لا يرقى إليه الشك بأن بعض السجناء الذين كانوا مدانين بارتكاب جرائم خطيرة كانوا أبرياء في الواقع. وفي عام 1992، أُسست منظمةُ «مشروع البراءة» في كلية الحقوق كاردوزو. وعلى مدى سنوات، كان هذا المشروع مسؤولاً عن إثبات براءة أكثر من 400 شخص مدان بارتكاب جرائم، وكان سبباً في إطلاق سراحهم من السجن. معظم هؤلاء الأفراد كانوا غير معروفين من قبل الجمهور الأميركي. 
وبالمقابل، خلال العام الماضي أُعيد الاعتبار لشخصين مشهورين هما الرياضي جيم ثورب وعالمُ الفيزياء النووية جاي. روبرت أوبنهيمر بعد وفاتهما، ما شكّل خبراً ساراً لأنصارهما الكثُر الذين خاضوا حملات نيابةً عنهما. جيم ثورب، الذي ينحدر من سكان أميركا الأصليين، كان لاعباً متعدد المواهب والمهارات، إذ كان متفوقاً في البيسبول وكرة القدم الأميركية وكرة السلة وألعاب القوى. وقد مثّل الولايات المتحدة في ألعاب عام 1912 الأولمبية في ستوكهولم وفاز بميداليات ذهبية في المسابقتين الرياضيتين الأكثر تحدياً: الألعاب الخماسية («البينتاثلون») والألعاب العشارية («الديكاتلون»). غير أنه حين تم الكشف عن أنه لعب البيسبول كشبه محترف، سُحبت منه ميدالياته بدعوى أنه انتهك القوانين الصارمة لوضع الهاوي اللازم تَوافُرُه في كل المشاركين الأولمبيين. وتطلّب الأمرُ أعواماً عدة قبل أن يتم رفع هذا الحيف. لكن في عام 1983 حكمت «اللجنة الأولمبية الدولية» بإعادة ميدالياته وإعلانه بطلاً بالمناصفة في المنافسات الرياضية التي فاز فيها. ولم يتم إعلانه البطل الأوحد إلا العام الماضي، الأمر الذي أسبغ على تركته المجد الكامل لإنجازاته. 
ولعل الأكثر دراماتيكيةً من ذلك هي قصة أوبنهيمر، الملقب بـ «أب القنبلة الذرية». لقد كان مدير المشروع في «مختبر لوس ألاموس» في ولاية نيوميكسيكو خلال الفترة من 1942 إلى 1945، وتحت إشرافه أُجريت التجربةُ الأولى والناجحة للقنبلة في يوليو 1945، واستُخدم سلاحان بعد ذلك ضد اليابان كانت لهما تأثيرات مدمِّرة. أوبنهيمر كان واعياً جداً بالقوة الرهيبة للأسلحة النووية، فبعد أن وضعت الحرب أوزارَها، دعا الولاياتِ المتحدةَ علانيةً إلى الامتناع عن صنع القنبلة الهيدروجينية التي كانت أقوى بكثير. لكنه لقيَّ معارضةً من قبل عناصر مهمة في المؤسسة العسكرية الأميركية والمصالح الصناعية النووية الصاعدة. وفي حملتها ضده، كانت تشير في كثير من المرات إلى علاقة الصداقة التي كانت تربطه بأعضاء في الحزب الشيوعي الأميركي خلال الثلاثينيات والأربعينيات. 
وفي عام 1954، وبعد جلسات استماع سرية جذبت جمهوراً واسعاً من مختلف أنحاء العالَم، بعد الإفراج عن نصوص حوارات الجلسات، تم إلغاء تصريحه الأمني من قبل «هيئة الطاقة الذرية»، وهو ما كان يعني أنه لم يعد يستطيع المشاركة في قرارات رسمية تتعلق بالسياسة النووية. وكانت تلك تجربة مذلة ومهينة. ولم تبدأ إعادة الاعتبار له إلا في عام 1963. وقد توفي أوبنهيمر في عام 1967، لكن الحملة الرامية إلى تبرئة اسمه استمرت. وقبل ستة أسابيع فقط، في 12 ديسمبر 2022، أصدرت وزيرةُ الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم بياناً رسمياً من ست صفحات ألغى قرار عام 1954 على أساس أن جلسات الاستماع كانت غير عادلة على نحو خطير. ومن المرتقب، في وقت لاحق من هذا العام، عَرضُ فيلم جديد في قاعات السينما بعنوان «أوبنهيمر» للمخرج كريستوفر نولان. التقارير الأولى تتحدث عن فيلم من المتوقع أن يلقى نجاحاً جماهيرياً كبيراً.

*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشيونل إنترست» -واشنطن