الانتخابات لها تداعيات، وليس في الولايات المتحدة فحسب. وفي ما يلي خمسة انتخابات ستجرى حول العالم هذا العام يمكن أن تكون لنتائجها أهمية كبيرة بالنسبة للعالم برمته. 
فنلندا
عضو حلف «الناتو» المرتقب سيذهب إلى الانتخابات في 2 أبريل المقبل من أجل اختيار برلمان جديد. والواقع أن عضوية الحلف ليست محل شك؛ لأن لا أحد من الأحزاب المهمة يعارضها، ولكن رئيسة الوزراء المنتهية ولايتها والمنتمية إلى «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» سانا مارين قد لا تكون المستفيدة من قرار الانضمام إلى التحالف.
فحزب فنلندا المحافظ، المعروف باسم «كانسالينن كوكومس» أو «حزب الائتلاف الوطني»، يتصدر استطلاعات الرأي منذ منتصف 2021، وقد اكتسب قوةً بعد الحرب الروسية الأوكرانية. وإذا احتل المرتبة الأولى في نتائج الانتخابات، فإنه سيحظى بالفرصة الأولى لتشكيل حكومة. وهذا قد يعني عودة إلى حكومة يمين وسط تتألف من «كوكومس» و«حزب الوسط» وحزب «الفنلنديين الحقيقيين» الشعبوي. أو يمكن أن تفضي إلى ائتلاف كبير بين «كوكومس» و«الديمقراطيين الاشتراكيين» وحزب آخر. 
رئيسة الوزراء الدانماركية الاشتراكية الديمقراطية «مته فريدريكسن»، اختارت الخيار الأخير بعد انتخابات نوفمبر في بلدها، رغم أن ائتلافها اليساري حافظ على الأغلبية. وفي حال حذت فنلندا حذوها، فإنها ستُظهر للعالم أن الخصوم القدامى يرغبون في التحالف حين يتعرضون لتهديد من أحزاب ترغب في تغيير راديكالي، يسارية كانت أو يمينية. 

تركيا
لدى تركيا معارضة سياسية نشطة توحدت ضد حزب «العدالة والتنمية» و«حزب الحركة الوطنية». والحزبان تراجعا بشكل مهم في استطلاعات الرأي خلال السنوات الأخيرة في وقت تتصارع فيه تركيا مع التضخم الذي ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ 25 عاماً. الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستجرى يوم 18 يونيو المقبل، مع جولة ثانية للانتخابات الرئاسية في 2 يوليو في حال لم يتمكن أي مرشح من الحصول على أغلبية. وليس من المبالغة القول، إن مصير الديمقراطية التركية بات على المحك مع هذه الانتخابات الحاسمة. 

الأرجنتين
تتربع هذه الأمة الأبية على عرش كرة القدم العالمية بالنظر إلى انتصار منتخبها الوطني المثير وفوزه بكأس العالم. ولكن في ما عدا ذلك، تظل نموذجاً للمعاناة من الإدارة الحكومية.
الأرجنتين، التي كانت في الماضي واحدة من أغنى دول العالم، دفعها أكثر من قرن من انعدام الكفاءة السياسية والاقتصادية إلى دورة غير صحية من النمو البطيء متبوعةً بالتضخم والركود. تلك الدورة انطلقت من جديد، والائتلاف الحاكم، المعروف رسمياً بـ«جبهة الجميع»، متأخر في استطلاعات الرأي. 
تحالف يمين الوسط في البلاد «معاً من أجل التغيير» ما زال متصدراً لنتائج استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يفوز. والمثير للاهتمام أن كتلة ثالثة ذات ميول ليبرالية، «الحرية تتقدم»، تشكلت واكتسبت ما يصل إلى 23 في المئة. وعلى كل حال، علينا توقع تأرجح كبير نحو اليمين في انتخابات أواخر أكتوبر 2023، التي سيُمنح فيها الفائزون فرصة لرؤية ما إنْ كانوا يستطيعون استخدام إصلاحات قائمة على السوق للمساعدة في كسر دورة البلاد المؤسفة. 

بولندا

بولندا التي تُعد مركز القوة الصاعد في أوروبا الشرقية موالية شرسة لأوكرانيا منذ بداية الحرب، إذ تزودها بالأسلحة وتأوي ملايين اللاجئين. ولكن بولندا يحكمها حزب شعبوي محافظ، «القانون والعدالة»، الذي يتعرض للانتقاد بشكل دوري من الاتحاد الأوروبي بسبب ممارساته المناوئة للديمقراطية على ما يفترض. ويظل «القانون والعدالة» الحزب الأكثر شعبية في بولندا، ولكنه تراجع ببضع نقاط عن الـ44 في المئة التي حصل عليها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. 
كل استطلاعات الرأي تُظهر أنه لن يفوز بالأغلبية لو أُجريت الانتخابات المقررة في الخريف الآن وليس في موعدها المحدد، وتُظهر التوقعات «برلماناً معلقاً» في حال بقيت النتائج الحالية قائمة. ويشجع نظامُ التمثيل النسبي البولندي الأحزابَ على الاتحاد مع بعضها البعض ضمن ائتلافات، وبالتالي، ينبغي مراقبة المناورات التي تسبق الانتخابات من أجل رؤية ما إن كان حزب «القانون والعدالة» سيستطيع جذب بعض الأحزاب الصغيرة والمهمشة للتحالف قبل موعد التصويت.

إسبانيا

هذا البلد، الذي يُعد رابع أكبر بلد في الاتحاد الأوروبي من حيث عدد السكان والناتج المحلي الإجمالي، يمكن أن يواصل الاتجاه العام في القارة نحو تحالفات شعبوية - محافظة في الانتخابات التي سيعرفها في ديسمبر 2023. 
حزب يمين الوسط الرئيسي «الحزب الشعبي» يتزعم معظم استطلاعات الرأي منذ يونيو 2022. و«فوكس»، وهو حزب شعبوي قومي يأتي على يمين «الحزب الشعبي»، ويحتل المركز الثالث باستمرار. ويفوز الحزبان بما يناهز أغلبية مجموع الأصوات. وبالنظر إلى نظام التمثيل النسبي الإسباني، فإن هذا الأمر يمنح الحزبين بسهولة أغلبية في البرلمان. 
غير أن ائتلاف «الاشتراكيين» المحسوب على يسار الوسط والمنتهية ولايته وحزب «بوديموس» اليساري الشعبوي سيزيدان من دون شك التخويف من التطرف في وقت يحاولان فيه تلطيخ صورة «فوكس» واستعادة السيطرة. هذه الخطة يمكن أن تنجح، ولكنها يمكن أيضاً أن تدفع الإسبان الوسطيين المتعطشين للتغيير نحو «الحزب الشعبوي» حتى يستطيع ذاك الحزب الحكم بمفرده من دون «فوكس». ولا شك في أن الانتخابات الجهوية المقررة في مايو ستُشكل مقياساً مبكراً لحالة الأمور.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سينديكيت»