التقى الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا يوم الجمعة الماضي، حيث أشادا بالتعاون العسكري القوي الجديد لبلديهما وتعزيز الدفاع الياباني غير المسبوق - وهما عنصران أساسيان في رؤيتهما المشتركة لتعزيز النظام والحفاظ على السلام في المحيطين الهندي والهادئ.

وأكد الاجتماع على مكانة اليابان باعتبارها الحليف الأكثر أهمية للولايات المتحدة في آسيا، حيث أشادت إدارة بايدن باستعداد طوكيو لتحمل مسؤولية أكبر للدفاع عن نفسها، وبالتالي لعب دور أكبر في الأمن الإقليمي.

وخلال الاجتماع الذي عُقد في المكتب البيضاوي، قال بايدن إن اليابان والولايات المتحدة لم تكونا بهذا القدر من التقارب في أي وقت مضى، وتعهد بدعم واشنطن الكامل للتحالف، وأشاد ب «الزيادة التاريخية» في الإنفاق الدفاعي لليابان. ومن جانبه، قال كيشيدا إن العمل معا من أجل السلام والازدهار في المنطقة أمر حيوي، مشدداً على أن «اليابان والولايات المتحدة تواجهان حاليا البيئة الأمنية الأكثر تحديا وتعقيدا في التاريخ الحديث».

في إطار مبادرات أمنية جريئة جديدة تم الإعلان عنها هذا الأسبوع، ستعمل الولايات المتحدة واليابان معا لحماية الأقمار الصناعية اليابانية، وتعزيز القوات البحرية الأميركية في اليابان، وتحصين البلاد بمئات من صواريخ توماهوك الأميركية طويلة المدى. تأتي الاتفاقات اليابانية- الأميركية بعد شهر من موافقة مجلس الوزراء الياباني على خطة طموحة وتحويلية لتعزيز جيشها من خلال مضاعفة حصة الناتج المحلي الإجمالي المخصصة للأمن القومي من 1% إلى 2% - من خلال إنفاق ما يقدر بنحو 320 مليار دولار - على مدى السنوات الخمس المقبلة.

تمثل الخطة أسرع توسع للقوة العسكرية اليابانية منذ الحرب العالمية الثانية، مما يمثل انفصالا دراماتيكية عن الموقف السلمي شديد التقييد الذي اتبعته اليابان منذ أن أنشأت قوات الدفاع عن النفس (SDF) في عام 1954. يقول نيكولاس سيشيني، نائب مدير قسم آسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) إن: «الدافع الرئيسي (لاجتماع الجمعة) هو تسليط الضوء على الطبيعة الهائلة للخطوة التي اتخذتها اليابان».

وأضاف أنه من ناحية أخرى، فإن «البيت الأبيض يريد إعطاء ختم الموافقة... وإرسال إشارة أوسع بكثير حول قوة شبكة التحالف الأميركية». تهدف هذه الدفعة الدفاعية في المقام الأول إلى ردع القوة العسكرية المتزايدة للصين، لكن رؤية اليابان الأكبر هي بناء إجماع موحد لآسيا، كما يقول الخبراء.

يقول السيد سيشيني: «الهدف النهائي لليابان في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ليس عزل الصين أو احتوائها أو إضعافها. على نطاق أوسع، فإن هدف اليابان هو تطوير بنية في آسيا على أساس القواعد والمعايير التي تتبناها الصين في نهاية المطاف». ويضيف أن القدرات العسكرية الأقوى قد تسمح لليابان بالتمتع في نهاية المطاف بعلاقات أفضل مع الصين. تتمثل الأولوية القصوى لليابان اليوم في العمل مع الولايات المتحدة وأستراليا ودول المحيطين الهندي والهادئ الأخرى لمواجهة الإكراه الصيني ودعم النظام القائم على القواعد في آسيا، بحسب شيلا سميث، الزميلة البارزة لدراسات آسيا والمحيط الهادئ في مجلس العلاقات الخارجية.

وتضيف: «يرى اليابانيون أن المستقبل يخدم بشكل أفضل في التحالف مع شركاء لهم نفس التفكير». تضافرت التوترات طويلة الأمد المحيطة بالتعزيزات العسكرية للصين ووجودها في بحر الصين الشرقي وتكنولوجيا الصواريخ المتطورة لكوريا الشمالية - إلى جانب المخاوف بشأن الحرب الروسية الأوكرانية - لدفع طوكيو إلى تبني الخطط الشاملة لتوسيع قدراتها الدفاعية. أطلقت كوريا الشمالية في أكتوبر صاروخا باليستيا حلّق فوق اليابان - وهو الأول منذ خمس سنوات.

وزادت روسيا من مناوراتها وأنشطتها العسكرية بالقرب من اليابان، بما في ذلك التدريبات المشتركة مع الصين. كانت الصدمة التي لحقت بالنظام الدولي من جراء الحرب الروسية الأوكرانية عاملا رئيسيا في إقناع قادة اليابان والجمهور على حدٍ سواء بأنه يجب على الدولة أن تتحمل مسؤولية أكبر لحماية أراضيها. وفي الصيف الماضي، حذر رئيس الوزراء كيشيدا من أن «أوكرانيا اليوم قد تكون شرق آسيا غدا». يقول الخبراء إن الحرب الروسية - الأوكرانية أثارت لدى المواطنين اليابانيين ليس فقط حاجة بلادهم إلى اكتساب القدرة على الرد على المعتدين، ولكن الحاجة الملحة إلى القيام بذلك. تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن غالبية اليابانيين يدعمون خطة البلاد للحصول على قدرة هجوم مضاد بصواريخ بعيدة المدى. قبل صراع أوكرانيا، «لم يكن الكثير من اليابانيين يعتقدون أن حربا كبيرة يمكن أن تحدث. يقول تسونيو واتانابي، الزميل البارز في مؤسسة ساساكاوا للسلام، وهي منظمة مستقلة لأبحاث السياسة في طوكيو... فقد كانوا يعيشون في نوع من النشوة».

لكنه يضيف أن الحرب الروسية- الأوكرانية «جعلت من السهل القول إن اليابان بحاجة إلى أن تكون جاهزة». إن تعزيز الدفاع الياباني هو أمر طموح وشامل في آن واحد، إذ يدعو إلى وجود قيادة متكاملة جديدة لتعزيز قدرة قوات الدفاع الذاتي الثلاث على القتال معا، وتشجيع الاستثمارات الجديدة في تقنيات الأسلحة والابتكار، وتوسيع القدرات السيبرانية والفضائية. وبالاعتماد على الدروس المستفادة من أوكرانيا، فإنها تؤكد على تأمين المخزونات من الإمدادات الأساسية مثل الذخيرة والوقود.

بشكل حاسم، ستكتسب طوكيو أيضا «قدرة الهجوم المضاد» من شرائها المخطط لصواريخ توماهوك الأميركية، التي يبلغ مداها 1000 ميل، مما يسمح لليابان بالرد في أعماق آسيا. بعد عقود من الحد من الامتداد الجغرافي لجيشها، تقول الدكتورة سميث: «ستمتلك اليابان لأول مرة قدرات صاروخية... تسمح لها بالتواصل والتقارب مع جيرانها». على الرغم من الشعور بالإلحاح، فإن التعزيزات ستستغرق وقتا، وهناك جدل محتدم يدور محليا بالفعل حول كيفية تمويل اليابان لها. قال جلين فوكوشيما، أحد الزملاء البارزين في مركز« التقدم الأميركي»، إن «كيشيدا» يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه أكثر دبلوماسية وميلا للسلام، وقد تكون هذه الصفات قد سهّلت عليه سياسيا المضي قدما في الإجراءات الدفاعية بأقل معارضة.

*صحافية أميركية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»