انتهت فيما يبدو معركة هذا الأسبوع على مواقد الغاز بمجرد أن بدأت. وفي غضون أيام من إثارة مسؤول في لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية فكرةَ حظر مواقد الغاز لمعالجة التلوث في المنازل، سارع رئيس اللجنة، وكذلك البيت الأبيض نفسه، إلى طمأنة الأميركيين بأن مطابخهم بمنأى عن الإجراءات الاتحادية. لكن، في واشنطن، ربما تكون صناعة الغاز الطبيعي أكثر اعتياداً على مواجهة الخصم الخطأ.

وفيما تطهو نسبة 40 في المئة من الأسر الأميركية بالغاز المنزلي، فإنه يمثل أقل من 0.5 بالمئة من استهلاك الولايات المتحدة للطاقة. لكن هذا ينقض أهمية الطهي في دعم الألفة العائلية، رغم كونه وقوداً أحفورياً غير مرئي. ويرى كيفن بوك، من شركة كليرفيو انيرجي بارتنرز، أن «حلقة هذا الأسبوع من الغضب تؤكد مدى ارتباط قرارات سياسة الطاقة الشخصية بالمستخدمين النهائيين». والبحث عن طريقة لكسر هذه الأُلفة، قد يجعل الطلَب على الغاز أكثر عرضةً للخطر في عصر التغير المناخي الحالي.

لكن من الوهم الاعتقاد بأن الانقطاع عن استخدام هذا النوع من الوقود سيأتي من الحكومة الاتحادية، لا سيما حكومة بها حالياً هذا المجلس الذي يسيطر عليه «الجمهوريون». فقد أظهر العامُ الماضي أنه حتى مع وجود حكومة موحدة، كان على «الديمقراطيين» تبنّي سياسة مناخية كلها ترغيب بلا ترهيب، ولم يتم إقرار هذه السياسية إلا من خلال توافقات في الميزانية.

ويجب أن لا ننسى أيضاً حرص المحكمة العليا الحالية على سحق الوكالات الاتحادية، كما رأينا العام الماضي حين تصدى القاضي المعاون نيل جورسوش للجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية. فالولايات هي ما يتعين على صناعة الغاز القلق منها. ويرجع ذلك أساساً إلى مكان تواجد مواقد الغاز في البلاد. فالولايات التي يحظى فيها الغاز بشعبية نسبية، بأعلى من المتوسط القومي البالغ 40 بالمئة تقريباً، هي في الشمال الشرقي وفي الغرب بصفة عامة.

وبالمقابل، تهيمن المواقد الكهربائية على الجنوب ومساحات كبيرة من الغرب الأوسط، وهذا إلى حد كبير نتيجة التاريخ. فقد قامت المدن القديمة في شمال شرق ووسط المحيط الأطلسي ببناء شبكات غاز في وقت مبكر، بما في ذلك لمصابيح الشوارع، مما جعل المواقد امتداداً طبيعياً للسوق. وفي الوقت نفسه، أنتجت كاليفورنيا التي تتصدر البلاد كنسبة مئوية وبصفة عامة في طهي الغاز المنزلي، ربع إمدادات النفط في العالم منذ قرن مضى.

ويبحث منتجو النفط دائماً عن جهة ترغب فيما ينتجونه من غاز. ويعني هذا التفاوتُ الإقليمي أن الشُّعَل الصغيرةَ التي يُعد عليها العَشاء تميل إلى أن تتواجد في الولايات «الديمقراطية».

ولوضع هذا في إطار كمي، قمتُ بفرز الولايات من حيث درجة السيطرة الموحَّدة على الهيئة التشريعية ومنصب الحاكم، إلى جانب تفضيل هذه الولايات لأشخاص معينين في الانتخابات الرئاسية لعام 2020. ووجدتُ أن هناك 38 ولايةً لديها هيئةٌ تشريعيةٌ «ديمقراطية» أو «جمهورية» وحاكم «جمهوري» أو «ديمقراطي»، مع اختيار جميعهم تقريباً الرئيس جو بايدن أو الرئيس السابق دونالد ترامب وفقاً لهذا. وإليكم كيفية ترجمة هذا فيما يتعلق بالمواقد.

فأكثر من نصف الأسر في البلاد التي تستخدم موقد الغاز موجودة في ولايات ذات سيطرة ديمقراطية موحَّدة فاز فيها بايدن. وبإضافة الولايات التي فاز فيها بايدن، لكن ظلت حكومتها منقسمة، ترتفع حصة الديمقراطيين إلى أكثر من الثلثين. وفي ولاية نيويورك وحدها التي اقترح حاكمُها للتو جعلَها أولَ ولاية تحظر الأجهزة والتدفئة التي تعمل بالغاز في المباني الجديدة، هناك ما يقرب أسرة من كل عشرة أسر أميركية لديها موقد غاز. وفي ولاية كاليفورنيا التي بدأت فيها مدينةُ بيركلي مسيرةَ المدن التي تفرض حظراً على تمديد شبكات الغاز الجديدة، هناك أسرةٌ من كل خمسة أُسر لديها موقد غاز في الواقع.

وتمثل الولاياتُ الست عشرة الأكثر ميلا للديمقراطيين نسبةَ مماثلةً من الطلب على الغاز في المنازل عموماً عند 52 بالمئة. والانقسام في واشنطن، والذي شحذته الانتخاباتُ النصفيةُ، يجعل الولايات أكثر ساحات النزاع أهميةً بشأن سياسة الطاقة والمناخ. ونرى هذا في موجة التشريعات المناهضة للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في الولايات الأكثر ميلاً للجمهوريين، ونرى قائمة الأولويات الخضراء الأكثر طموحاً في نظيراتها الأكثر ميلا للديمقراطيين.

وقائمة الأولويات الخضراء في الولايات التي تميل للديمقراطيين هي التي تشكل تهديداً أكبر للطلب على الغاز من خلال اللوائح المنظِّمة، ليس فقط بسبب طموحها، ولكن أيضاً لأنها التي يكثر فيها استخدام الغاز في المنازل.

ليام دينينج*

*كاتب متخصص في قضايا الطاقة

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سينديكيت»