حافظتْ دولةُ الإمارات على ريادتها في قيادة ودعم جهود محاربة الإرهاب، وثبت أن وجهة نظرها موفقة وحامية لشبابها، ومحفِّزة لنمو اقتصادها واستدامة استقرار مجتمعها، حيث طبّقت الدولة منذ وقت مبكر الرؤيةَ الاستباقيةَ الناجحة التي صممتها لمكافحة الإرهاب ولتجفيف منابعه وهزيمته في مهده على المستويين الفكري والتنظيمي، وحقق نجاح هذه الرؤية سمعةً طيبة للإمارات في المجتمع الدولي ولدى المهتمين بتتبع جذور الإرهاب وبتطوير آليات مكافحته.

وبذلك نجحت الدولة في حماية أمن واستقرار مجتمعها من الإرهاب، ومن تيارات التطرف التي ما أن يترك لها الحبل على الغارب في أي بلد حتى تبدأ استقطابَ الشباب وغسل عقولهم وتجنيدهم للتحول إلى آلات للقتل باسم الدين. كانت الإماراتُ سباقةً في وضع حد للمتسلقين باسم تيار «الإسلام السياسي»، فكشفت نياتهم تجاه المجتمع والدولة، وأظهرت الأيام أن الإجراءات التي اتخذتها الدولةُ كانت صائبةً، كما اتضح للجميع أن تيار الإسلام السياسي كان وما يزال الذراع الحزبية والتنظيمية المساندة للمجموعات الإرهابية التي تمارس العنف ضد الشعوب وتهدد أمنها وتزعزع سلامها واستقرارها.

وكلَّما ظهرت مجموعاتٌ إرهابيةٌ في بلد ما، ومن خلال تتبع جذور نشأتها، يظهر أن تيار الإسلام السياسي يشكل الحلقة الأولى لانتشار التطرف، ولتربية الشباب على الانسلاخ عن مجتمعهم، والتنكر لعائلاتهم، ولتبني أفكار وسلوكيات هدّامة مثل الانتحار باسم الجهاد.

وفي خطوات استباقية قدَّمت دروساً ناجحةً في كيفية مواجهة جذور الإرهاب، باشرت الإمارات منذ مطلع العقد الثاني من هذا القرن بتفكيك خلايا الإسلام السياسي، التي كانت تتستر وراء أعمال وجمعيات خيرية، كانت مهمتها استقطاب الشباب والتأثير على عاطفتهم باسم الدين، لتهيئتهم للانخراط في مواجهة المجتمع والتضحية بأمنه واستقراره، في سبيل تحقيق أهداف استحواذية كانوا يحلمون بها.

ومن نتائج هذا النجاح ومؤشراته الطيبة أن الإمارات من أكثر الدول أماناً ونجاحاً في مكافحة الأنشطة الإرهابية والمتطرفة، ما جعلها أحد أنشط الوجهات السياحية في العالم، ومن الدول الأكثر جذباً للاستثمار، والمكان الملائم على الخريطة العالمية بالنسبة للموهوبين الباحثين عن فرص النجاح والاستقرار والعمل من أجل المستقبل.

ومن أسباب تفوق الإمارات في هذا الملف أن مواجهة الدولة للتطرف كانت قائمة على كشف أساليب «الإسلام السياسي» في توظيف الخطاب الديني والمتاجرة به من أجل التسلق باسم الدين لاختراق المجتمع.

وبفضل يقظة الإمارات فشل المتطرفون في التسويق لفكرهم الضال، لأن التدين الفطري يعد من المكونات الأصيلة للمجتمع الإماراتي، فتضاعف الفشل لدى خلايا «الإخوان» ولم تلق أي صدى أثناء قيامها بالترويج لأوهامها، رغم امتلاكها منابر إعلامية مخصصة لنشر التطرف ولإشاعة الأكاذيب.

ومن عوامل نجاح استراتيجية الإمارات في حماية مجتمعها من التطرف أن الخطاب الذي تبنَّته الدولةُ كشف للمجتمع أن خلايا المتطرفين وضعت نفسَها منذ البداية في صدام واضح، مع إصرار الإماراتيين على الالتفاف حول قيادتهم، ودعم استمرار نهج النهوض والتنمية والتحديث الذي أوصل الإمارات إلى مراتب متقدمة في كثير من المؤشرات العالمية.

إن النجاح المبكر للإمارات في القضاء على بذور الإرهاب رشّحها للحصول على مكانة دولية بارزة في المؤشرات المتعلقة بقياس مستوى الأمان ضد الأخطار الإرهابية، وقد حصلت على المركز الأول، لتحافظ على هذا المكسب نتيجةً لليقظة العالية والرؤية الاستراتيجية الفعالة في التنبه لمخاطر الإرهاب، وهذا ما أكده أحدث مؤشر سنوي لمعهد الاقتصاد والسلام الدولي الذي يتابع ترتيب الدول من حيث مستوى أخطار انتشار الأنشطة الإرهابية، ويعتمد في بياناته على مصادر دولية كوكالات الأمم المتحدة وغيرها من الجهات الدولية والمعاهد والمراكز البحثية المتخصصة.

*كاتب إماراتي