تستعد الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف (COP28) بشأن تغير المناخ بعد عقدها قمة «أسبوع أبوظبي للاستدامة» تحت شعار (معاً لتعزيز العمل المناخي)، التي تعد إحدى تجليات الموقف الإماراتي لمعالجة أزمة المناخ، ومنصة تعكس التزام الدولة بالعمل المناخي.
القمة جمعت قيادات عالمية وخبراء في مجال الاستدامة ورواد أعمال في مختلف القطاعات، وركزت سلسلة جلساتها على أولويات التنمية المستدامة، فيما طرحت الاجتماعات التي أقيمت على هامشها كيفية توسيع نطاق دور التقنيات المبتكرة في صناعة مستقبل مستدام، كما ناقش القادة المؤثرون قضايا أمن الغذاء والطاقة، وإمكانية دعم تطلعات العالم لتحقيق انتقال تدريجي في قطاع الطاقة، وبالتالي ضمان كوكب مستدام.
لا شك أن أسبوع أبوظبي للاستدامة أسهم منذ إطلاقه عام 2008 في تثقيف وتحفيز آلاف المشاركين فيه على العمل المشترك لوضع حلول لتحديات الاستدامة، كما سلط الضوء على التزام الإمارات بمواجهة التحديات العالمية، وعكس دورها الرائد في دفع جهود العمل المناخي وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، وطرح نماذج عديدة من المبادرات الإماراتية التي تجاوزت قيمة تنفيذها 4 مليارات درهم، واستفادت منها أكثر من 45 دولة. ويعتبر صندوق أبوظبي للتنمية أحد أبرز تلك النماذج لكونه موّل ونفّذ أكثر من 75 مشروعاً استراتيجياً في قطاعات حيوية تدعم الأهداف والبرامج التنموية التي تتطلع لتحقيقها حكومات الدول النامية. تلك المشاريع ساعدت في توفير مجتمعات مستدامة للدول المستفيدة لينعم سكانها بإمدادات طاقة آمنة، وفي تحسين جودة الحياة للوصول إلى بيئة نظيفة خالية من الانبعاثات الكربونية، إلى جانب خلق آلاف من فرص العمل، الأمر الذي انعكس إيجاباً على مسيرة التنمية وتعزيز المساعي الرامية لمستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة، وهو ما يمكن أن يسهم في إيجاد حلول عملية لإنقاذ الكوكب والبشرية من مصير كارثي إذا استمر العالم في طريقة تعاطيه مع قضية المناخ الملحّة. وإلى جانب تلك الجهود يعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2023 عام الاستدامة في الإمارات لحماية الأرض من الأضرار البيئية التي تحاصره، ولمواكبة استضافة الدولة (COP28).
إن المتابع للتحديات التي يواجهها المناخ يدرك أن لا أحد يتعامل مع تلك القضية كما تتعامل معها الإمارات وتوليها اهتمامها، وهو ما يعكس إيمانها بأن تفاقم أزمة التغير المناخي يشكّل خطراً داهماً يهدد مستقبل كوكب الأرض برمّته.
في ظل المخاوف المتزايدة، يبرز حضور الإمارات ليكون محل احترام وتقدير بالغيْن، خصوصاً بعد تنفيذها مشاريع طاقة المستقبل، وسعيها الجاد نحو تخفيض بصمتها الكربونية. ولأنها تتعامل مع أزمة التلوث المناخي بصرامة، فقد وضعت معالجتها على رأس سلم أولوياتها، وفرضت على نفسها أن تكون رائدة في ذلك إقليمياً ودولياً، كما تحركت لتبنّي خطط واستراتيجيات ومشاريع تنموية اقتصادية واجتماعية مستدامة.
جميل أن يثمِّن العالم تحركات الإمارات في هذا الشأن، وأن يعتبرها كذلك ركيزة للتحرك الجاد نحو محاصرة أزمة المناخ في سبيل إنهائها. وعلى الرغم من أهمية ما تقدمه إلا أن جهودها وحدها لا تكفي، خاصةً أن الأضرار البيئية تجتاح كل دول العالم من دون استثناء، و«ملوثي المناخ ومدمري البيئة» في ازدياد، وحكومات بعض الدول الكبرى لا تزال متقاعسة عن أداء واجباتها البيئية، واستمرار حكومات أخرى بالتواطؤ على الأرض والإنسان بقبولها إقامة مشاريع «تدميرية» على أراضيها، وعدم الالتزام برسالة الأمم المتحدة التي تركز على تقليص خطر التدخل البشرى الذي يسبّب التغير المناخي، أو حتى بالتدابير والإجراءات التي من المفترض أنها ملزمة للدول الموقعة على اتفاقية المناخ عام 1992.
فهل ستنجح جهود الأمم المتحدة وتضع حداً لانتهاك البيئة؟