في اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، الذي تم الاحتفاء به، يجب أن نشيد بالمساهمة القيمة التي تقدم من جميع الأديان أو المعتقدات إلى البشرية في تعزيز الحوار بين جميع المجموعات الدينية وزيادة الوعي بالقيم المشتركة.

وفي هذا السياق صدرت العديد من المبادرات، وكان من أهمها اللقاء الذي جمع البابا فرنسيس وفضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، في 4 فبراير 2019 في أبوظبي والذي أسفر عن توقيع وثيقة «الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك».

وبما أن هذا الحدث العالمي يلقي الضوء على مبادئ وقيم هذه الوثيقة والبحث عن أفضل الممارسات التي من شأنها أن تعزز ثقافة السلام واللاعنف التي تفيد البشرية وخاصة الأجيال القادمة، والتأكيد على أن السلام لا يتوقف على غياب الصراع فحسب، بل على بناء حصون السلام في العقول البشرية، فإنه لا بد من التنويه إلى أهمية برنامج التعليم لأجل الإنسانية.

فهدف البرنامج منع ومقاطعة عملية التطرف في العقل البشري من خلال محاربته على «مستوى التفكير» وخلق عملية تفكير يمكن أن تضع حداً لتطور المعتقدات الراديكالية وتعيق انتشارها.

في كثير من الحالات، تستخدم عمليات التطرف النصوص الدينية لتبرير وجهات نظرها لكي تقنع الأفراد والمجتمعات بتوجهها، لكنها تستغل «عملية التكفير» للتأثير على الأفراد وعلى السلوك البشري، لذلك نجد تفسيرات مختلفة للنصوص الدينية وهناك تفاوت في تقبلها.

فهذا البرنامج لا يركز فقط على تغيير الخطاب الديني، بل يعمل على تغيير طرق التفكير المسببة للتطرف. فعلى سبيل المثال، نشهد كل عام نقاشات مثيرة للجدل حول مسألة تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، وقد أكد شيخ الأزهر الشريف، الإمام الدكتور أحمد الطيب والدكتور محمد العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم.

لكن الذي يثير الاستغراب لماذا عندما يصرح شيوخ دين تنويريون بفتاوى وتصاريح تدعو إلى التسامح والتعايش تقبل على مضض أو أحيانا يتم رفضها واستنكارها من قبل البعض في حين أن الفتاوى التكفيرية يتم تقبلها بأريحية وبسرعة؟

هنا يقول الدكتور طارق عبدالحميد، الخبير في الفكر المتطرف، إن هناك ثلاثة بنود للتفكير المتطرف وهي: الحقيقة المطلقة، الحكم على الآخرين، والفهم الحرفي للنصوص. فالذي يفكر بهذه الطريقة لو أعطيته أي كتاب حتى لو كان غير ذي صلة بالدين سيكون متطرفاً، إلا إذا عالجنا هذا الأمر بطرق صحيحة.

ومن هنا يجب استخدام طرق متعددة الأبعاد لعلاج التطرف والتي تبدأ بإثارة الانتباه وبعد ذلك تكرار المعلومة لتفعيلها على الذاكرة بعيدة المدى. وحتى يمكن تدشين طرق للتعليم تقوم على مواجهة التطرف، لا بد من استخدام وسائل تعليمية متطورة لنقلها للذاكرة بعيدة المدى من خلال المناهج التعليمية، والإعلانات الثقافية، والنشاطات المدرسية.

إن المرحلة الراهنة بما تتضمنه من تحديات خاصة في المجال الاقتصادي وما يمر به العالم من أزمات لا تتحمل عبء عمليات المتطرفين، ولا بد مواجهة التطرف بطرق علمية وتعليمية مبتكرة.

* باحثة سعودية في الإعلام السياسي.