قال رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته، نفتالي بينيت، في مقابلة له مع مجلة «الإيكونوميست» البريطانية في وقت سابق من هذا الشهر، إن إسرائيل تتبنى ما أسماه «مبدأ الأخطبوط» الذي يتضمن تكثيف العمليات السرية ضد برامج إيران النووية والصاروخية والطائرات من دون طيار على الأراضي الإيرانية نفسها، بدلاً من استهداف وكلائها الإقليميين. وأضاف: «لم نعد نلعب مع أذرع ووكلاء إيران، لقد خلقنا معادلةً جديدة تركز على التعامل مع الرأس».
واتخذت المواجهة التي كانت تدور بعيداً عن الأضواء منعطفاً دراماتيكياً بشكل خاص في عام 2020 عندما ألقى قادةُ إيران باللوم على إسرائيل في مقتل عالمها النووي الكبير محسن فخري زاده. وهو خامس عالم نووي إيراني يتم اغتياله منذ عام 2007.
وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» قد أعربت عن مخاوفها من قيام شراكة دفاعية كاملة بين روسيا وإيران، واعتبرتها تهديداً لمنطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً لإسرائيل. 

وهناك إرهاصات تؤشر إلى إمكانية حلحلة الملف النووي الإيراني، من أجل دق الإسفين بين موسكو وطهران، في ضوء التقارب الحاصل بينهما. وقال مدير «سي آي إيه»، وليام بيرنز، إن لدى بلاده مخاوف من إمكانية تقديم موسكو دعماً تقنياً وعسكرياً لطهران، في مقابل تزويد إيران روسيا بطائرات مسيّرة في حربها الحالية مع أوكرانيا. وقال بيرنز، إن الولايات المتحدة الأميركية تتحمل مسؤوليةَ التقارب الحاصل بين إيران وروسيا، وعليها أن تلوم نفسها لأنها ساهمت بشكل أو بآخر في التحول الحاصل في العلاقة بين طهران وموسكو، لتجميدها الملفَّ النووي الإيراني ولفرضها العزلةَ على روسيا على خلفية الحرب الجارية في أوكرانيا.
ورأى بيرنز أن العلاقة بين موسكو وطهران تحولت من شراكة استراتيجية إلى تحالف استراتيجي أملته الظروف الدولية، وهو تحالف يثير مخاوف الأميركيين الذين يخشون من تحول إيران إلى قوة إقليمية مؤثرة، أولا على مصالحهم، وثانياً على مصالح حلفائهم في المنطقة وفي مقدمتهم إسرائيل.
وفي الوقت ذاته، تدرك إيران أن شراكتَها مع روسيا غير كافية لإنهاء العقوبات الغربية المفروضة عليها، بالإضافة إلى أن الضربات التي تقوم بها إسرائيل ضد سوريا تحت أنظار الروس، ربما تؤشر إلى أن موسكو لن توازن علاقتها مع طهران بعلاقتها مع إسرائيل، وبالتالي فهي لن تضحي بمصالحها مع هذه الأخيرة. 
وفي الوقت ذاته، تسعى إسرائيل إلى تهدئة مخاوف روسيا المنبعثة مؤخراً بسبب دعم تل أبيب لكييف، كما تهدف إلى محاولة إبعاد موسكو عن طهران. وتسعى مع واشنطن، إلى إيجاد مخرج لإيران بغية الابتعاد عن موسكو، بفتح نافذة تنعش من جديد باب التفاوض كوسيلة ناعمة، قد تكون بمثابة مخرجاً مشرّف للجميع.
وتدرك طهران أن واشنطن وتل أبيب لن يتخليا عن رفضهما امتلاكَها السلاح النووي، وقد يتفاهما معها في قضايا أخرى. وستظل واشنطن حريصة على إبعاد طهران عن ارتباطاتها مع موسكو وبكين، وقد يقبل الجانبان بالتنسيق معاً في الملف العراقي.

*سفير سابق