معادن الرجال تُظهرها دائماً وأبداً الشدائد والمحّن، فكلما تعسرت الظروف تتكشف الحقائق بأن هناك رجالاً لهم قبل قرارتهم بصيرتهم وحنكتهم، وهذا ما يشير دائماً إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي وبعد وقوع الزلزال الكبير في سوريا وتركيا و كان أول المبادرين بالاتصال هاتفياً بقيادتي البلدين.

القرار التالي كان توجيهاً لمؤسسات الدولة الإماراتية بإطلاق عملية «الفارس الشهم 2» للمساهمة الفاعلة في انتشال الشعبين من النازلة الشديدة، فهذه ظرفية لا تقبل التأجيل والتأخير، فالأرواح تحت الأنقاض، والبيوت تهدمت والفاجعة لا حدود لها.

مبكراً كانت الدبلوماسية الإماراتية لها رؤيتها بسياسات مدّ الجسور مع دول المنطقة لتجاوز سنوات مضطربة أحدثت قطعاً في التواصل وجفاء في العلاقات، مما دعا إلى اتخاذ قرارات شجاعة أقدمت عليها الإمارات برغبة جادة على احتواء سوريا الجريحة وإعادتها للجامعة العربية، وكذلك كان الاتجاه ناحية تركيا وإيران لتخفيف التوتر السياسي في الشرق الأوسط وانتهاج نهج الحوار المفتوح بدلاً من السياسات الأخرى. فالشعوب وحدها هي التي دفعت ثمناً للمواقف السياسية الحادة التي نجمت في السنوات الصعبة. القرارات الإماراتية كانت مثيرة وتطلبت فعلاً شجاعاً، وهو ما أقدم عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في مبادراته السياسية.

هذه ليست مساحة لإفراد عبارات الإطراء بمقدار ما هي مساحة تأمل في الشخصية الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، التي تعمل بإدراك أن المستقبل له تحدياته، وأن القرارات مهما كانت صعبة فلها منطقها وسياقها، وهنا استذكار لقرار إسناد السعودية في عملية «عاصفة الحزم»، فلقد كانت القوات المسلحة الإماراتية متأهبة للقيام بالعمليات الموكلة إليها، وقامت بواجباتها الكاملة بشهادة التاريخ، كذلك كان موقفه عندما عمّ العالم السكون والخوف من تداعيات جائحة «كورونا».

فخرج مخاطباً الناس: «لا تشلون همّ»، فكانت انفراجة امتدت آثارها إلى كل بلاد العالم التي طلبت العون من بلاد رفعت شعاراً لا خوف والإماراتي حيّ. ثمة ما يستحق الإشارة إليه والتنبه له، ففي الإمارات عمل حقيقي يستند على خطط تستند على الاستشراف بواقعية للتحديات مهما كانت معقدة. العمل بدأ من فكر الرجال الذين يحملون رغبة على أن يكونوا في الجاهزية الكاملة، وهو ما يستوجب تحديثات مستمرة في البنى التحتية لكل القطاعات على أعلى معايير الجودة. لا شيء يحدث مصادفة، فهناك جدية على أن تكون الأشياء في مسارها الصحيح؛ لأن دائماً هناك قرارات يجب أن تتخذ في أزمنتها وأوقاتها.

وهذا لا يحدث إلا عندما تكون قادراً ولن تكون قادراً دائماً إلا بشرط الجاهزية. الشخصية القيادية الفريدة التي تستطيع أن تفعل دائماً الأشياء الكبيرة هي استثنائية لكونها امتلكت الإرادة، وهذه خصلة من خصال الشخصيات الصانعة للتاريخ، وهذا هو محمد بن زايد الفارس الشهم الذي في الوقت الذي يفزع للمنكوبين من الأتراك والسوريين كان يقدم لأهالي جزيرة ميون في مدينة عدن بيوتاً مهداة من الإمارات ضمن حزمات المساعدات الممتدة منذ أن تحررت المدينة التي شهدت ملاحم جنود الإمارات البواسل على أرضها وعلى سواحلها.

العالم بات ينظر إلى الإماراتي على أنه صاحب نظرة ثاقبة وقلب شجاع يعرف متى يتخذ القرارات الصعبة في الأوقات الأكثر تعقيداً، ذلك العالم ذاته منح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد أرفع وأسمى أوسمة الإنسانية، فهو يقود بلاده والمنطقة في الزمن الصعب برؤية وحكمة وحنكة وبكثير من الصبر.

الشعوب تنظر إلى أبوظبي دائماً وأبداً على أنها مدينة تحتضن الابتكارات والقرارات، وأن جزءاً منها يعيش في المريخ وجزءاً على الأرض يرسل أجنحته إلى كل البلاد وجسوره لكل العواصم، فهذا الاستثناء صنعه الشيخ محمد بن زايد؛ ولذلك فقط ظل هو دائماً وأبداً قائداً استثنائياً.

* كاتب يمني