في القمة العالمية للحكومات التي انعقدت في دبي خلال الفترة من 13 إلى 15 فبراير الجاري، حذر الرئيس التنفيذي لـ «تويتر»، إيلون ماسك، يوم الأربعاء 15 فبراير 2023، من «عالم الحضارة الواحدة»، ومن خطر انهيار كل شيء على إثر ذلك. كما قال: «نريد فقط أن يكون لدينا قدر من التنوع الحضاري مثل إذا حدث خطأ ما في جزء من الحضارة، فإن الأمر برمته لا ينهار. تستمر الإنسانية في المضي قدماً». واستخدم المستثمر إيلون ماسك مثال سقوط الإمبراطورية الرومانية، بالتزامن مع ظهور الإسلام.

مع ازدهار الحضارة الإسلامية، كانت روما تنهار، لكنه أشار إلى أن الوضع أدى إلى الحفاظ على المعرفة والعديد من التطورات العلمية. واختتم ماسك حديثه قائلاً: «يبدو الأمر غريباً بعض الشيء، لكننا نريد أن يكون لدينا قدر من التنوع الحضاري بحيث إذا حدث خطأ ما في جزء من الحضارة، فلن ينهار الأمر برمته وتستمر البشرية في المضي قدماً». وقد عقب معالي محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، على تعليقاته، بأن لدى دولة الإمارات 180 جنسية من كل عرق ودين والنموذج المطبق يحترم جميع الحضارات بغض النظر عن اللون والدين والعرق والمهم أن يعيش الإنسان بسلام.

ولعل افتتاح بيت العائلة الإبراهيمية يوم الخميس الموافق 17 فبراير 2023 في أبوظبي يثبت ما ذكره معالي الوزير، ويعكس دور الإمارات الكبير في تعزيز التنوع الحضاري، والأخوة الإنسانية واحترام الثقافات والأديان المختلفة. بافتتاح هذا البيت، تكون الإمارات قد أهدت العالم معلماً متعدد الحضارات، ومركزاً للحوار والتفاهم بين الأديان، وفضاء واسعاً للتثقيف يدعو للتعايش لا إلى الإقصاء، ويبرز مفهوم الاعتدال في مواجهة التطرف، ويعزز قيم التسامح لنبذ التعصب، كما يدعو للمحبة لمواجهة الكراهية لتعزيز مفهوم الأخوة الإنسانية لتأسيس مستقبل يسوده السلام والاستقرار.

لقد جاء بيت العائلة الإبراهيمية من أجل ترسيخ المفاهيم والقيم الإنسانية وأهمها: مراعاة الخصوصية: التي تؤكد على احترام الخصوصيات الدينية والثقافية لكل دين وعدم الإساءة لأتباعه، مراعاة الوسطية: وذلك بمحاربة التطرف باسم الأديان، تحريك المساحات المشتركة: وهذا من خلال الحوار بين رموز هذه الديانات وأتباعها، وهو جوهر الهدف من إنشاء بيت العائلة الإبراهيمية، والذي من شأنه أن يطور المجال المعرفي ليس فقط للأديان المختلفة بل يضفي فهم أفضل للعالم وتعقيداته.

إن بيت العائلة الإبراهيمية بعث بإشارة مفادها أن ما تم الحديث عنه في الغرب من «صراع الحضارات»، ستكون نهايته في الشرق، فهذا الصرح الحضاري الذي يضم كنيسة ومسجداً وكنيساً، جنباً إلى جنب، عجزت عن تشييده الكثير من الدول الغربية، وقد حولته دولة الإمارات إلى حقيقة. وبالتالي التحذيرات التي أشار إليها إيلون ماسك في قمة الحكومات ردت عليها الإمارات بالأفعال، وتجسد بالبيت الإبراهيمي، فهو ليس فقط صرح يرمز للتنوع الحضاري بل للحوار الحضاري البناء.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي.