الوقت لا يساوي مالاً فقط، بل حياة بشر أيضاً. Time is Money قولٌ شائع منذ منتصف القرن الثامن عشر، ومنسوب إلى بنجامين فرانكلين، أحد مؤسسي الولايات المتحدة. ويعبّر معناه عن قيمة الوقت حين يُقضى في عمل نافع يزيد الدخلَ.
لكن لإنقاذ حياة إنسان قيمة أعلى من المال حين تقع كارثة طبيعية. فلكل دقيقةٍ ثمنُها حين يحدث زلزال مُدمِّر مثل ذلك الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في 6 فبراير الجاري، أو تهب عواصفٌ عنيفةٌ، أو يتطور فيضان شديد إلى تسونامي مُغرق، أو تشب نارٌ مُحرقةٌ على نطاق واسع.
وتفيد تجربة سوريا وتركيا أن الحاجة صارت ملحةً إلى آليةٍ دولية للإنقاذ من الكوارث بأقصى سرعة، فقد تأخرت استجابة الأمم المتحدة، لعدم امتلاكها آليةً موحدةً، وتشتت دورها نظراً لاعتماده على عدد من منظماتها المتخصصة التي تحتاج تنسيقاً بينها. وعندما بُدئ في تفعيل ما يُسمى الاستجابة الأممية الطارئة عملياً، ووصل الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إلى المنطقة في اليوم الرابع (9 فبراير)، كانت آثار الكارثة قد تفاقمت. ومَن يأت متأخراً في مثل هذه الحالة، يقل دوره في عمليات إنقاذ الأرواح، فيتحرك بالأساس في مجال الإغاثة. 
وقد بدأت الأممُ المتحدةُ تحركَها هذا في سوريا عندما أطلق الأمين العام أنطونيو جوتيريش نداءً طارئاً في 9 فبراير لجمع 397 مليون دولار لتأمين مساعدات إنسانية يحتاجها خمسة ملايين سوري لمدة ثلاثة أشهر. وبعد أيام أطلق نداءً ثانياً لجمع مليار دولار من أجل الضحايا في تركيا. 
ولولا الاستجابة السريعة لبعض الدول التي أرسلت مساعدات فورية، لازداد عدد مَن لقوا حتفهم تحت الأنقاض. وكانت دولة الإمارات سبّاقةً كعادتها، فقد أرسلت فريق بحث وإنقاذ مُدَّرباً تدريباً جيداً ومزَّوداً بمعدات نوعية. كما سيَّرت ما يقرب من 20 طائرةً محَّملة بالمواد الغذائية والطبية وخيم الإيواء إلى البلدين في الأيام الأربعة الأولى، أي قبل وصول غريفيث، وتوالت مساعداتها الإغاثية بعد ذلك.
ولهذا فقد حان وقت تطوير دور الأمم المتحدة في مواجهة الكوارث، لكي لا تبقى استجابتها الطارئة متأخرةً حين يكون لكل دقيقةٍ ثمنها في كوارث يحتاج ضحاياها إلى إنقاذ فوري. وأصبح ضرورياً إنشاء منظمة جديدة تابعة للأمم المتحدة تتخصصُ في أعمال الإنقاذ.
ولاختصار الوقت في حال توافر إرادة دولية، يمكن تخصيص الموارد المالية اللازمة لهذه المنظمة من الميزانيات الكبيرة المتوافرة للأمانة العامة للأمم المتحدة وبعض منظماتها المتخصصة. ولا يتطلب ذلك سوى تقليص بعض الأنشطة الشكلية والمظهرية، وهي ليست قليلة، من دون أن يؤثر ذلك في الأعمال الأساسية والضرورية التي يقوم بها كل منها. وبهذه الطريقة يمكن تجنب انتظار قرار دولي غير مضمون لتوفير الأموال اللازمة للمنظمة المقترحة، فالعمل الذي يهدف إلى إنقاذ حياة أكبر عدد ممكن من البشر عند وقوع كارثة طبيعية مُقدَّم على غيره أياً تكن أهميته. 

*مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية