وقت ظهور تلك الكلمات إلى النور، سيكون رائد الفضاء الإماراتي، سلطان النيادي، قد حلّق فوق مدارات الكرة الأرضية، في مهمة هي الأطول لرائد فضاء عربي، على متن المحطة الفضائية الدولية، في مهمة تستمر لمدة ستة أشهر.
تأتي هذه الرحلة التي أطلق عليها «طموح زايد2»، لتؤكد الإرث الثمين الذي تركه الشيخ زايد، طيب الله ثراه، لأبنائه في دولة الإمارات، حيث بذر بذور التطلع إلى العلا، بحثاً عن آفاق جديدة يرتادها البشر، في طريق تحسين حياتهم، عطفاً على إيجاد حلول لإشكاليات العالم المعاصر.
وتؤمن الإمارات بما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي: 
«بالعلم والمال يبنى الناس ملكهم.... لم يبنِ ملك على جهل وإقلال»، ولهذا فإنها تسخر الكثير جداً من مواردها العالية، لخدمة العلم والعلماء، ومن هذا المنطلق، يمكننا فهم الأسباب التي تدفع الإمارات لإنشاء المجلس العالمي لاستيطان الفضاء، بالتعاون مع جامعات ومراكز بحثية عالمية مختصة. مجلس يضم في عضويته أفضل الخبراء العالميين في مجال الفضاء، من أجل زخم مسيرة الإمارات والعرب العلمية والعملية في طريق الفضاء.
يعن لنا أن نتساءل عن ارتياد الفضاء في حاضرات أيامنا، هذا الحلم الذي راود مخيلة البشر منذ آلاف السنين، وكيف تحول إلى حقيقة، وهل بات اليوم من قبيل الرفاهية والدعاية، أم أنه أضحى حاجة ماسة لمواكبة العصر، ومسايرة السباق الخاص باستيطان الفضاء؟
تميزت الإمارات بالرؤية بعيدة النظر، إنها لا تتطلع إلى الغد القريب، بل ترسم رؤاها على أسس من الحاجة الإنسانية في العقود المقبلة، تلك التي تبدو في اللحظة الآنية بعيدة جداً، لكنها في عمر الزمن قريبة للغاية.
في القلب من التجارب التي سيجريها رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، قياس مدى التأثيرات الخاصة بالجاذبية الصغرى على جسم الإنسان.
الواقع العملي يقطع بأنه من دون تلك التجارب، لن تتمكن برامج الفضاء الإماراتية من الوصول إلى الحلم الكبير، والذي تخطط الإمارات لتحقيقه بعد نحو خمسة عقود، حلم بناء مستوطنة فوق سطح المريخ.
حين يتحدث سلطان النيادي عن أحد أهدافه من المشاركة في برنامج الإمارات للفضاء، فإنه يعلن رؤية واستراتيجية تعلن من الإمارات قولاً وفعلاً، دولة قوية فتية، قادرة على مشاغبة الحلم، ومن ثم تحقيقه، وبخاصة من خلال بناء أجيال من الشباب الإماراتي الشغوفين بالفضاء.
علمياً سكان الأرض في حاجة ماسة لمعرفة ماذا يجري خارج الكوكب الأزرق، ومتابعة تطورات المناخ وأحوال البيئة الغاضبة في هذه الأيام.
أضف إلى ذلك ما يمكن أن توفره الأجواء الخارجية للأرض من موارد اقتصادية نادرة، تساهم في حل أزمات عدة تطفو على السطح، لا سيما مصادر الطاقة.
وفي كل الأحوال، يبقى الفضاء الخارجي، ملاذاً للجنس البشري الذي تتهدده مخاطر كثيرة، ومن هنا جاءت فكرة الإمارات عن إقامة مستوطنات تبدأ من المريخ، وربما تمتد لما لا نعرف في الوقت الراهن. ما يعد حلماً اليوم، سيكون في دائرة التحقيق في الغد، هذا هو ديدن الإمارات، عبر خطوات منهجية مرتبة، كان منها إرسال مركبة الفضاء غير المأهولة إلى المريخ عام 2021، «مسبار الأمل»، في أول مهمة بين الكواكب في العالم العربي، وفي العام الماضي أرسلت مركبة فضائية إلى القمر.
طموح زايد أحلام تتحقق في الواقع الإماراتي المعاصر.
*كاتب مصري