لا شك أن حلول الإمارات بالمرتبة العاشرة عالمياً والأولى إقليمياً في المؤشر العالمي للقوة الناعمة إنجاز ضخم، يدل كما ذكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في تغريدته إلى «صحة منهجية دولة الإمارات العربية المتحدة التنموية ودورها المؤثر اقتصادياً وتنموياً وإعلامياً على الساحة الدولية»، وهذا ما أكد عليه معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، «حلول الإمارات بالمرتبة العاشرة في المؤشر العالمي للقوة الناعمة تأكيد على أهمية القيادة والرؤية... تقدير دولي مستحق ونتيجة طبيعية لعقود من العمل والإنجاز».

والمتتبع لمسيرة دولة الإمارات لن يجد هذا الإنجاز أمراً مستغرباً، إنه نتيجة حتمية لما تأسست عليه الدولة من رؤية واضحة منذ عقود من الزمن، على يد قادتها منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومن ثم توطدت بمسيرة أبنائه وجهود آلاف فرق العمل في كافة الميادين الداخلية والخارجية لبناء سمعة دولية راسخة.

فهذه المسيرة التاريخية للرؤية الواضحة الثابتة هي التي سهلت بناء صورتها الذهنية أمام العالم وتوظيف القوة الناعمة لذلك.

أهم ما قامت به دولة الإمارات هي أنها احتفظت بتاريخها كثروة بنت على أساسها مستقبلها، ومن حسن حظ الدولة والشعب أنه توجد قيادة رشيدة تفهمت مكانة هذا التاريخ واستخدمته في تأهيل شعبها برؤية ثابتة على مسار التاريخ. لذلك كان من السهل بناء الصورة الذهنية عن الإمارات للعالم لأن رؤيتها ومسيرتها التاريخية واضحة منذ البداية، وبالتالي عند ذكر دولة الإمارات في المحافل الدولية يتبادر إلى الذهن لِلتَّوّ أنها دولة داعمة لنشر السلام والتسامح والتعايش والخير والعطاء الإنساني، وسمعتها الدبلوماسية إيجابية بأنها تتمتع بعلاقات جيدة مع مختلف دول العالم، بالإضافة إلى أنها دولة أمن وأمان وازدهار ووجهة سياحية جذابة، وكل ذلك لما تتمتع به من حوكمة رشيدة.

ولكي تترسخ دعائم القوة الناعمة، أطلق مجلس القوة الناعمة «استراتيجية القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة» في سبتمبر 2017، ويرفع المجلس تقاريره مباشرة إلى مجلس الوزراء ويعمل على تطوير استراتيجية القوة الناعمة للدولة. وتستند الاستراتيجية إلى أربعة أهداف رئيسية: أولاً، تطوير اتجاه موحد لمختلف القطاعات، بما في ذلك الاقتصاد والعلوم الإنسانية والسياحة والإعلام والعلوم.

ثانياً: تعزيز مكانة الإمارات كبوابة للمنطقة. ثالثاً، ترسيخ دولة الإمارات كعاصمة إقليمية للثقافة والفنون والسياحة، ورابعاً: ترسيخ سمعتها كدولة حديثة ومتسامحة ترحب بجميع الشعوب من جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن الدين والعرق واللون.

ومن هذا المنطلق نجد أن حلول الإمارات بهذه المرتبة العالمية للقوة الناعمة نتيجة جهد ومثابرة لفريق عمل متكامل على مدى تاريخ طويل، ونجاح قوتها الناعمة كان لعدة أسباب، أهمها أنها حددت منذ بداية مسيرتها الصورة الذهنية التي تريد أن يراها بها العالم.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي.