باتت القوة الناعمة ركيزة أساسية لدعم مكانة الدول على الصعيد العالمي، وهذا النوع من القوة يختلف عن القوة الصلبة، حيث إنه يتأتى عن طريق الدبلوماسية، والحوار الحضاري، والتاريخ، والثقافة وغيرها، وليس عن طريق القدرة على استخدام سياسة العصا والجزرة، من القوة الاقتصادية، والعسكرية، لحمل الآخرين على اتباع إرادتك، وهو ما يعرف بالقوة الصلبة، كما أكد عالم السياسة الأميركي الكبير جوزيف ناي الذي صاغ مفهوم القوة الناعمة. 
وتُولي دولةُ الإمارات أهميةً خاصة لتعزيز قوتها الناعمة على النحو الذي يعزز من مكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي، ويضفي المزيدَ من الجاذبية على نموذجها التنموي. وتنطلق جهودُ الدولة في هذا الإطار من استراتيجية شاملة، أطلقت عام 2017، تسعى إلى تحقيق أهداف مركزية عدة، أهمها: تطوير هوية موحدة للدولة في المجالات الإنسانية والاقتصادية والسياحية والإعلامية والعلمية كافة، وتعزيز موقعها كبوابة للمنطقة العربية ومخزونها الثقافي، وكعاصمة للعالم العربي للثقافة والفنّ والإعلام والسياحة والعِلْم، وترسيخ سمعة الإمارات كدولة حديثة، منفتحة، متسامحة ومُحبّة لشعوب العالَم أجمع.
وبفعل الجهود المتواصلة التي تبذلها دولة الإمارات، برعاية مباشرة من قِبل قيادتنا الرشيدة، ممثّلةً في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لترسيخ نفسها كقوة ناعمة لها وزنها المعتبر على المسرح الدولي، أصبحت الإمارات تتمتع بالمزيد من مصادر القوة الناعمة، وهو ما انعكس في دخولها قائمةَ الدول العشر الأولى لأول مرة في تاريخها في مؤشر القوة الناعمة العالمي للعام 2023 الذي تعدّه مؤسسة «براند فاينانس» العالمية، والذي صدر مؤخرًا، الأمر الذي يعني نجاح جهود الدولة في تعزيز قوتها الناعمة، وإحداث نقلة مهمة في هذا السياق. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الدولة كانت قد حلّت في المرتبة الخامسة عشرة عالميًّا في التقرير السابق الذي صدَر عام 2022. 
وكما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فإن هذا التقدير العالمي لمكانة دولة الإمارات جاء نتيجة جهود آلاف فِرَق العمل في الميادين الداخلية والخارجية كافة لبناء سمعة دولية راسخة، وهو يؤشر إلى صحة منهجيتها التنموية ودورها المؤثر اقتصاديًّا وتنمويًّا وإعلاميًّا على الساحة الدولية.
وممّا لا شك فيه أن النموذج التنموي لدولة الإمارات، والذي يراكم المزيدَ من الإنجازات في المجالات كافة، سوف يكتسب المزيد من الاحترام والجاذبية، الأمر الذي يصبّ في سبيل تعزيز وإضافة مصادر أخرى لقوتنا الناعمة، ما يعني تعزيز مكانة الدولة وترسيخ سمعتها الدولية كنموذج فريد لدولة حديثة طموحة قادرة على أن تصبح الدولة رقم واحد على الصعيد العالمي عام 2071. 

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية