في كل عام، عندما يقترب اليوم العالمي للمرأة، تغتنم الإصداراتُ الإخبارية الفرصةَ لنشر قصص عن أداء المرأة في مكان العمل. ويكون الاحتفال السنوي فرصةً جيدةً لتقييم التقدم (أو عدمه) في المساواة بين الجنسين. لكن في كثير من الأحيان تسلط هذه القصصُ الضوءَ على اتجاهات لا تدعمها الأبحاث أو البيانات، وهذا أمر يثير حفيظتي. إذا أردنا حل التحديات التي ما تزال تحد من تقدم المرأة، فمن المهم فصل الافتراض عن الواقع. وفيما يلي أربعة أسئلة أعتمد عليها لتحديد ما إذا كانت القصة تستحق اهتمامي.
هل الاتجاه المزعوم مدعوم ببيانات أو يستخدم بيانات من مصدر موثوق؟ لا يمكنني حصر عدد القصص التي قرأتُها والتي تعلن ما تفعله النساء دون وضع أرقام تدعمها. لكن البيانات ليست كل شيء، إذ هناك مكان لسرد القصص، لكن لتسميتها اتجاهاً يجب أن تكون هناك بعض الأرقام لدعمها.
على سبيل المثال، من الشائع في هذه القصص أن النساء المتعلمات تعليماً عالياً واللائي في مرحلة متوسطة من حياتهن المهنية «يؤْثرن الانسحاب» من قوة العمل، دون دعم ما وصلن إليه بأرقام قوية مثل تلك التي نشرها مكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العمل. والسبب أن بيانات BLS لا تدعم هذا «الاتجاه» المحدد. والواقع أنه يوجد عدد أكبر من النساء الحاصلات على تعليم جامعي في القوى العاملة في الولايات المتحدة اليوم أكثر من الرجال المتعلمين في الجامعات.
ولا يعني ذلك أنه لا يمكنك حصر عدد من النساء اللائي تركن القوى العاملة مدفوعة الأجر ليبقين في المنزل، أو أن قصصهن ليست مهمة.. بل هذا يعني فقط أنهن يمثلن نسبة صغيرة جداً من السكان. وعلاوة على ذلك، فإن معظم النساء اللائي يتركن وظائفهن لرعاية الأطفال يخرجن من القوى العاملة بشكل عام لفترة قصيرة نسبياً. وفي بلد يتبع سياسة إجازة الوالدين على النمط الأوروبي أو الكندي، قد لا تظهر حتى في البيانات على أنها حالات ترك للعمل.
وهل يفشل الاتجاه في التمييز بشكل مناسب بين مجموعات مختلفة من النساء؟ تتحدث قصص كثيرة جداً في اليوم العالمي للمرأة عن النساء دون تمييز بين المجموعات العرقية أو الاقتصادية. لكن هناك لقطات مثيرة للاهتمام في التفاصيل. على سبيل المثال: تختلف الفجوة بين مشاركة الرجال والنساء في القوى العاملة بشكل كبير حسب العرق. ويمكننا إجراء مناقشة ممتعة حول هذه الاختلافات. لكن لا يمكننا القيام بذلك إذا تجاهلنا قصص الواقع في المقام الأول. وبالمثل، غالباً ما تشير القصص إلى أن النساء اللائي لديهن أطفال صغار يبقين خارج القوى العاملة بسبب عوامل نفسية؛ من التوتر إلى الشعور بالذنب إلى تفاني الأم. لكن تحليل ما قبل الجائحة من مكتب إحصاءات العمل أظهر أن معدل مشاركة القوى العاملة للنساء يرتفع بمجرد وصول أطفالهن إلى سن المدرسة، وهي علامة على أن العوامل الخارجية، مثل تكلفة وتوافر رعاية الأطفال، قد تكون أكثر أهمية.
هل تشير القصص إلى الرجال على الإطلاق؟ لقد سئمتُ من القصص التي تفشل حتى في الإشارة إلى الرجال. على مدار الأعوام العشرين التي كنت أقوم فيها بتقديم تقارير عن المساواة بين الجنسين، أصبح الصحفيون أفضل كثيراً في مناقشة دور أصحاب العمل في تخليد عدم التوازن بين الجنسين في العمل. لكن المقالات عن النساء في القوى العاملة ما تزال تفشل في ذكر أزواجهن الذين غالباً ما يكون لهم أكبر تأثير مباشر على عمل المرأة.
وفي الأسر المكوَّنة من زوجين، رجل وامرأة، يلعب الأزواج دوراً كبيراً في قرارات زوجاتهم بشأن كم العمل الذي يتعين على الزوجة القيام به، ليس فقط من خلال القول، بل أيضاً من خلال كيفية تصرفهم. قد يقول الزوج «أنا فخور بعملك»، لكن ما يزال من الممكن أن تتعطل مهنة الزوجة إذا لم يشارك في الطبخ والتنظيف ورعاية الأطفال، أو تحمل جزء من العبء العقلي والنفسي لإدارة كل ما سبق.
هل تعامل القصة سلوك الرجال على أنه القاعدة؟ حتى القصة التي تبدو دقيقةً ومبنية على البيانات يمكن أن تفشل. ومن الأمور الشائعة في القصص حول النساء في مكان العمل أننا نفتقر إلى الثقة. هذه القصص مدعومة دائماً بكم كبير من الدراسات الأكاديمية التي تمت مراجعتها من قبل الأقران، والتي تُظهِر بالفعل فجوةً في الثقة بين الرجال والنساء.
من المهم أن نلاحظ أنه على الرغم من أن هذه النتيجة قوية، فإنها لا تخبرنا ما إذا كان هناك ما يبرر الثقة في الرجال. هذا افتراض. وعندما اختبره الباحثون، وجدوا أن الرجال لم يكونوا مجموعة تحكم محايدة. وبدلاً من ذلك، كان لدى الرجال إحساس متضخم بقدراتهم الخاصة.
لذا يبدو أن النساء أقل موثوقية من الرجال! لكن الحقيقة هي أن الرجال يميلون إلى الإفراط في الثقة، ولا تفتقر النساء إلى الثقة. مرة أخرى، يجب أن يؤثر هذا على الحلول التي نتبعها. هل تحتاج المرأة إلى تدريب على الإصرار؟
في ظل الوتيرة الحالية للتغيير، ستمر قرون قبل أن تحقق المرأةُ المساواة الكاملة مع الرجل. علينا أن نفعل ما هو أفضل. وأحد الأماكن التي نبدأ بها هو أن نكون أكثر ذكاءً في كيفية تشخيص المشكلات التي تواجهها النساء.

ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»