يمثّل انتشار خطاب الكراهية مشكلة كبيرة خلال المرحلة الحالية، حيث إن الثورة الجذرية التي تمّت في مجال المعلومات والاتصالات، والتي أحدَثت نقلة حقيقية في مجال التنمية ونهضة الأمم والشعوب، قد وفّرت في الوقت نفسه لهذا الخطاب الكثيرَ من وسائل فرص الانتشار والرواج. 
وممّا لا شك فيه أن لذلك الخطاب، وبخاصة في أوقات التوتر والنِّزاعات، تداعياته السلبية الخطيرة، سواء كان ذلك على الصعيد الداخلي للدول، حيث يهدّد بانقسامها وتفتيتها، أو على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث يهدّد بإشعال الحروب والصراعات في وقت يحتاج فيه العالم إلى المزيد من التضامن والتعاضد لمواجهة تحدّيات كثيرة، لا يمكن مواجهتها إلا من خلال تكتيل الجهود المشتركة.
وقد أدركت دولة الإمارات، وبشكل مبكر، ما ينطوي عليه خطاب الكراهية من تأثيرات سلبية خطيرة على تماسك الدول وإمكانيات تأسيس علاقات تعاون بينها، وقد عملت منذ تأسيسها على يد المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على بذل كل ما تستطيع للتصدي لهذا الخطاب، وتوفير المناخ المناسب لإقامة علاقات إقليمية ودولية متينة.
ولا تفوّت الإمارات فرصة في المحافل الدولية، للتأكيد على الخطورة البالغة لخطاب الكراهية، والأهمية الحاسمة لمواجهته، وهو ما أكدته في اجتماع مجلس الأمن من خلال بيان ألقاه نائب المندوب الدائم للدولة لدى الأمم المتحدة حول التهديدات للسِّلم والأمن الدوليين، حيث قال إن دعم خطاب الكراهية في أوقات النزاع، لا يخدم أحدًا، ويديم دورة العنف، ويحرّض ضد المدنيّين، وإن التعصب يتعارض مع إنشاء مجتمعات متماسكة ومزدهرة، داعيًا إلى معالجة خطاب التعصّب والكراهية، متى وأينما ظهر. 
وفي ظِلّ ما يشهده العالم حاليًّا من انتشار واسع لخطاب الكراهية والتطرف، تعمل دولة الإمارات على مضاعفة جهودها لمواجهة هذا الخطاب والتصدّي له بشكل حاسم، من خلال مبادرات نوعية تؤكد أهمية التعايش السلمي والأخوّة الإنسانية بين بني البشر بصرف النظر عن اختلاف أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم، وهي تُقدّم في الوقت نفسه نموذجًا عمليًّا على ذلك من خلال الطبيعة الخاصة لمجتمع الإمارات الذي يعيش في تناغم تامّ، بالرغم من تنوعه الكبير عرقيًّا ودينيًّا ومذهبيًّا. 
ولعلّ من أحدث هذه المبادرات، تأسيس المركز الإقليميّ للتعايش «مركز منارة» الذي يتّخذ من أبوظبي مقرًّا له، والذي سيدعم القيم والمبادرات الكبرى التي أطلقتها دولة الإمارات المتعلّقة بالتسامح والتعايش، وقد سبقه افتتاح بيت العائلة الإبراهيمية، وهو مجمع متعدّد الأديان يضمّ مسجدًا وكنيسة، وكنيسًا يهوديًّا، لتؤكد الإمارات مجدَّدًا حرصها وجهودها المتواصلة لدعم التعايش السلمي ونبذ كل أشكال الكراهية والعنف. 

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية