يمثل اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام (ظاهرة الإسلاموفوبيا) الذي اعتمدته الجمعيةُ العامة للأمم المتحدة العام الماضي، وتم الاحتفال به للمرة الأولى في 15 مارس الجاري، مناسبةً حيوية لتأكيد خطر هذه الظاهرة على التعايش العالمي؛ فالحضارةُ الإنسانية تواجه في عصرها الحديث تحدياتٍ عدةً من بينها حالات الاستقطاب والنزعات الدينية والقومية والأيديولوجية وإقصاء الآخر، واستمرار مثل هذه التحديات يُنذر بدمار الإنسان والعمران. 
وقد أدركت دولة الإمارات أهمية ترسيخ قيم التسامح والتعايش؛ فبذلت قصارى جهدها لاجتثاث التطرف والتعصّب، وسعت لتعزيز الاحترام المتبادل؛ إذ أصدرت منذ سنوات قانوناً يحظر الإساءة إلى الذات الإلهية والأديان والأنبياء والرسل والكتب السماوية ودُور العبادة، ويقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدّساتها، ومكافحة أشكال التمييز كافة، ونبذ خطاب الكراهية، ومكافحة استغلال الدين في تكفير الناس.
وجعلت دولة الإمارات من قِيم التسامح نبراساً لها في بناء مجتمعها، وتعدّ تجربتها نموذجاً عمليّاً لقيم التعايش؛ إذ تعيش أكثر من 200 جنسية على أرضها الطيبة في بيئةٍ يسودها السلام والاستقرار، وأتاحت ممارسة مختلف الشعائر الدينيةِ بحُرّيةٍ تامةٍ، ومن أبوظبي صدَرت «وثيقة الأخوة الإنسانية» التي تعدّ خريطة طريق للتقارب بين الأديان والتعايش والأخوّة والسلام. 
ومن صور التواصل ومدّ الجسور بين الأديان من دون انصهار أو ذوبان للحفاظ على التنوع الثقافي الإنساني، افتَتحت دولةُ الإمارات بيتَ العائلة الإبراهيمية في أبوظبي، الذي يضمّ مسجداً وكنيسةً وكنيساً ومركزاً تعليميّاً، يمثّل منصة تتيح لأتباع الديانات السماوية الثلاث التواصل وممارسة شعائرهم الدينية جنباً إلى جنب بسلام. 
هناك أصوات عاقلة في العالَم تدعو إلى التصدّي لأعداء الحضارة الإنسانية ودحض أفكارهم الهدّامة، وقد أسهمت الحضارةُ العربية الإسلامية بنصيبها في التقدّم الإنساني كغيرها من باقي الحضارات، فصفحات التاريخ الإنساني تحتفي بالإنجازات التاريخية للعلماء المسلمين في الفلسفة والعلوم والرياضيات والبصريات والفنون.
وفي سياق ظاهرة الإسلاموفوبيا، أضحت الجاليات المسلمة في عدد من الدول في مرمى التنظيمات اليمينية والقومية والحركات الشعبوية التي تسعى لإلصاق العنف والتشدد بشرائح من المجتمع لخدمة أهدافها السياسية والأيديولوجية، إضافة إلى أن ترسيخ الصور النمطية عن المسلمين في الكتابات والإعلام الغربي فاقم ظاهرة الإسلاموفوبيا، ونجمت عنه أعمال عنف راح ضحيتها عشرات الأبرياء، إلى جانب الضرر المعنوي للمسلمين، والمساس بمقدساتهم الدينية. 
والحقيقةُ الجليةُ أن العالَم لن ينعم بالسلام والرخاء إلا إذا حلّ الحوار والتفاهم بين الأديان، ومَدّت الإنسانية جسور التلاقي؛ لذلك ينبغي على المؤسسات الدولية تكثيف جهودها لتقوية الحوار العالمي وتعزيز ثقافة التسامح والسلام، واحترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقَدات.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية