يبدو أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وإلى الصف العربي باتت مسألة وقت، حيث إن جميع المؤشرات تؤكد تزايد مواقف الدول العربية التي تدعم احتضان دمشق بهدف إنهاء أزمة طالت، وكان أكبر متضرر منها هو الشعب السوري الذي بات غير قادر على تأمين متطلبات الحياة الأساسية وسط أزمة سياسية انعكست على الوضع الاقتصادي، وزاد من شراستها الوضع الاقتصادي العالمي المتأزم، وأزمات دولية منها أزمة أوكرانيا، وكذلك الكوارث الطبيعية التي تجلت في الزلزال الذي شهدته كل من تركيا وسوريا مؤخراً وخلّف عشرت آلاف القتلى والمنازل المهدمة. وكل ذلك أنهك الشعب السوري وجعله بأمسِّ الحاجة لأن يعود للانفتاح على محيطه العربي، علّ سوريا تعود كما كانت سابقاً. 
حراك عربي وخليجي لافت بهذا الشأن في الفترة الأخيرة، حيث اتفقت السعودية وسوريا على إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد عقد من القطيعة، وقد سبقت ذلك تصريحات لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أوضح فيها أنه لا جدوى من عزل سوريا، وأن الحوار مع دمشق مطلوب.. ويأتي هذا ضمن سياق إجماع عربي لمعالجة معاناة المدنيين وحل مسألة اللاجئين. ويأتي النهج السعودي ضمن توافق عربي من معظم الدول، وفي مقدمتها الدول العربية المحيطة مثل العراق ولبنان والأردن، أعاد طرح المبادرة العربية التي تهدف إلى حوار عربي مباشر مع الحكومة السورية لإيجاد حل للأزمة السورية على صعيد إنساني وسياسي. علاوة على دول أخرى لا تقع ضمن الجوار المباشر لسوريا، مثل مصر وتونس والجزائر، وكذلك دول الخليج، وقد بدأ هذا التوجه يأخذ منحى الإجماع والتوافق، على أن يكون هناك نهج سوري جديد بهدف إنهاء الأزمة ومساعدة الشعب السوري. 
دولة الإمارات بدورها كانت سبّاقة في دعم سوريا على كل المستويات، كما كانت لها نظرة بعيدة تبنّت إعادة العلاقات مع دمشق، والتأكيد على أن الحل لن يتم من دون تواصل مع الدولة السورية وكل مؤسساتها. وقد استقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فخامة الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، متمنياً أن تكون زيارته فاتحةَ خير وسلام واستقرار لسوريا. ومن المؤكد أن هذه الزيارة تمثل نقطة انطلاقة لفتح آفاق جديدة مع كافة الدول العربية، ولإنهاء حالة المقاطعة العربية لدولة عضو في جامعة الدول العربية، حيث إن نهج المقاطعة فشل ولم يحقق أهدافه. كما كان للإمارات موقف واضح وصريح في بيان أمام مجلس الأمن الدولي حول الأوضاع في سوريا، إذ أكد البيان على تفعيل الدور العربي لحل أزمة سوريا وضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة، وطي صفحة الخلاف لمعالجة الأزمة. وهذا الموقف الصريح من الإمارات صار محل إجماع عربي، وبناءً عليه لا بد من تفعيل عودة سوريا للحضن العربي من بوابة الجامعة العربية، لمناقشة طرق حل الأزمة بشكل مباشر مع الحكومة السورية بغية إنهاء معاناة شعبها. 
واللافت أيضاً هو أنه حتى الدول التي كانت مقاطعةً للحكومة السورية، ومنها تركيا، غيرت مواقفها وباتت تتبنى نهجاً جديداً قائماً على الحوار والتعامل مباشرة مع الحكومة السورية، حيث أعلن مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي عن مفاوضات وشيكة بين تركيا وروسيا وسوريا وإيران لتسوية الأزمة السورية، كما أن رسائل التقارب بين الدولة السورية والتركية مستمرة وسط تكهنات بلقاءات على أعلى مستوى في فترات مقبلة. وهذا من شأنه أن يضع خطوطاً عريضة لإنهاء الأزمة تكون قائمة على وحدة الأراضي السورية، وإيجاد حلول نهائية لملف اللاجئين.

*كاتب إماراتي