إن تجاهل مخاطر تغير المناخ على الأعمال التجارية يشبه التظاهر بأنك لن تحترق أثناء تجولك في مبنى تشتعل فيه النيران. يريدنا أحد الحزبين السياسيين الرئيسيين في أميركا أن نتجاهل تغير المناخ على أي حال. لكن شركة «كوربوريت أميركا» Corporate America ومستثمروها يعرفون أنهم لا يملكون هذا الرفاهية.
وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني هذا الأسبوع قالت إنها ستراجع تأثير تغير المناخ على الجدارة الائتمانية لأكثر من 1600 شركة. ما يقرب من 20% من هذه الشركات يمكن أن تتعرض لتخفيض تصنيفاتها الائتمانية نتيجة لذلك. سيتعين على هذه الشركات تغيير الطريقة التي تمارس بها أعمالها أو من المحتمل أن تواجه تكاليف اقتراض أعلى.
يأتي ذلك في أعقاب تعهد شركة «بلاك روك»، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، الأسبوع الماضي بأنها ستواصل الضغط على مجالس إدارة الشركات من أجل وضع خطط للتعامل مع المخاطر المناخية، على الرغم من شهور من الهجمات من جانب سياسيين «جمهوريين» بشأن مثل هذه المخاوف.
يحاول محافظو الحزب «الجمهوري» والمشرعون في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية ثني الشركات ومديري الأموال عن النظر في القضايا البيئية والاجتماعية وقضايا الحوكمة عند اتخاذ قرارات الأعمال والاستثمار. وقد حققوا بعض النجاح في أماكن مثل فلوريدا وتكساس، على الرغم من أن قوتهم في التأثير على سياسة الشركة قد تقتصر على ممارسة الضغط وحرمان الممولين من المساعدات المالية الحكومية.
لكن الرئيس جو بايدن استخدم مؤخرا حق النقض (الفيتو) الأول لوأد مجهود في الكونجرس لجعل الاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية أكثر صعوبة. وحصلت الحركة المناهضة للحوكمة البيئية والاجتماعية مؤخراً على رد فعل كبير حتى في بعض الولايات الحمراء مثل كنتاكي ووايومنج. ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه ثبت أن منع استثمارات الحوكمة البيئية والاجتماعية يضر بالعائدات ويزيد التكاليف على دافعي الضرائب.
ومما لا يساعد أيضا أنه بات من الصعب بشكل متزايد تجاهل تأثيرات تغير المناخ. فهي تظهر بشكل روتيني في حالات الجفاف وحرائق الغابات والفيضانات والكوارث الطبيعية الأخرى التي أصبحت أكثر تواتراً وشدة بسبب ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. في العام الماضي، تسببت هذه الكوارث في خسائر تجاوزت 165 مليار دولار، وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. وبلغت تكلفة 18 كارثة منفصلة أكثر من 18 مليار دولار. أما عاما 2020 و2021، فقد أحصيا المزيد من الكوارث بهذا الحجم.

إن حماية عملياتك واستثماراتك من تأثيرات المناخ في مواجهة مثل هذه المخاطر الواضحة والمتنامية هو ببساطة عمل جيد. حتى صناعة الوقود الأحفوري، التي يُفترض أنها المستفيد الرئيسي من الإجراءات المناهضة للحوكمة البيئية والاجتماعية، يبدو أنها أدركت هذا. وقد كرست اجتماعات مؤتمر CERAWeek (مؤتمر سنوي للطاقة تنظمه شركة المعلومات والأفكار S&P Global في هيوستن، تكساس) الأخير جزءاً كبيراً من مناقشاتها للتحدث عن دورها في التحول الأخضر. تريد هذه الشركات بالتأكيد الاستمرار في ضخ النفط والغاز إلى الأبد، لكن المستثمرين والمستهلكين لن يسمحوا لها بالتمادي إلى هذا الحد.
معظم الناخبين أيضا يوافقون على ذلك. أظهر استطلاع حديث أجرته «هيت ماب نيوز» Heatmap News أن ثلثي الأميركيين يريدون اتخاذ إجراءات لمكافحة تغير المناخ، بما في ذلك «61%» من «الجمهوريين».
ربما يدرك معظم السياسيين «الجمهوريين» هذا أيضاً. لكن من الواضح أن الحزب قرر منذ فترة أن كونه ضد اليقظة، بما في ذلك مناهضة الحوكمة البيئية والاجتماعية، سيساعد في دفع ناخبيه الأساسيين إلى صناديق الاقتراع. لقد استمر في هذا النهج حتى بعد انتخابات التجديد النصفي المخيبة للآمال إلى حد ما، وعلى الرغم من استطلاع أظهر أن معظم الأميركيين يرون في الواقع «اليقظة» بشكل إيجابي. تستمر الشركات الأميركية في إثبات أنها لا تستطيع تحمل أن تكون قصيرة النظر.

مارك جونجلوف
كاتب متخصص في قضايا التغير المناخي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»