الخطوات التي اتخذتها كندا مؤخراً لفرض قواعد أكثر صرامةً على شركات التشفير تظهِر أن لهيئات الرقاب الأميركية حلفاءَ في حملتها لاتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه الفئة من الأصول بعد الاضطرابات التي حدثت العام الماضي. ففي فبراير الماضي، أعطى منظمو الأوراق المالية في كندا مهلةَ 30 يوماً لمنصات تداول العملات المشفرة غير المسجلة التي تعمل في البلاد كي تلتزم بما يعرف بتعهد التسجيل المسبق. ومطلوب من الشركات اتباع إجراءات تنظيمية أكثر صرامة بشأن فصل أصول العملاء، ويحظر على هذه الشركات تقديم هامش أو مزايا للمستخدمين في كندا. وتُجبِر القواعدُ الجديدةُ الشركات العاملة في المجال على اتخاذ بعض الخيارات الصعبة بشأن الامتثال والبقاء في البلاد أو الانسحاب منها. وأشارت بعض الشركات -من بينها «كوينبيز جلوبال» وباينانس– إلى أنها تعتزم البدء في التسجيل. لكن شركات أخرى، مثل شركة باكسوس التي تصدر عملات مستقلة وشركات التداول اللامركزي، قررت إنهاء عملياتها في كندا. 
وألقى مديرو الأوراق المالية الكنديون نظرةً شاملةً على القواعد الإرشادية في ديسمبر بعد انهيار شركة «إف. تي. إكس»، مشيرين إلى أن الانهيار أبرز الحاجةَ إلى إشراف أقوى على الصناعة. وقال المنظمون إن منصات التشفير «عاجزة أو غير مستعدة»، لأن تتبع الإجراءات الجديدة يجب أن يمنع المستخدمين الكنديين من الحصول على خدماتها. ويرى ماتيو برجوين، وهو محام لدى شركة أوسلر، هوسكينوهاركورت في كالجاري، «إنه رد فعل للأحداث التي وقعت مؤخراً والدروس المستفادة من هذه الأحداث». الخطوات تأتي في ظل حملة أميركية منفصلة لفرض إجراءات صارمة، لاسيما من خلال تعزيز إنفاذ القانون من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصة وهيئات أخرى. ويوم الجمعة الماضي، عدَّلت لجنة الأوراق المالية والبورصة قراراً مقترحاً لتوضيح ضرورة تسجيل تبادلات الأصول الرقمية ومنصات التمويل اللامركزية لدى لجنة الأوراق المالية والبورصة. واقترحت اللجنةُ قواعدَ ستزيد من صعوبة احتفاظ منصات العملات المشفرة بأصول رقمية مملوكة لزبائن صناديق التحوط وشركات الأسهم الخاصة. 
وواجهت الهيئة انتقادات من الصناعة وبعض المشرعين الأميركيين الذين يقولون إن لجنة الأوراق المالية والبورصة اعتمدت أكثر من اللازم على إنفاذ القانون، ولم تبذل ما يكفي من جهد لتوفير قواعد إرشادية واضحة بخصوص التسجيل وكيفية تطبيق قواعد الأوراق المالية على منصات تداول العملات المشفرة. وذكر برجوين أن كندا اتخذت تلك الخطوات. في البداية اقترحتْ إطارَ عمل عريضاً للمنصات في عام 2019، تبعه إشعارٌ صدر من هيئة الأوراق المالية الكندية في عام 2021 وهيئة رقابة الاستثمار الصناعي الكندية لتحديد كيفية تطبيق قانون الأوراق المالية على الشركات. وقررت شركاتُ العملات المشفرة مغادرةَ السوق الكندية، بينما أعلنت شركات أخرى خططاً للشروع في التسجيل. ويعتقد برجوين الذي تشمل قائمةُ عملائه شركاتٍ قررت الرحيل وأخرى ستظل في كندا أن الحكومة لا تسعى عن عمد إلى إجبار الشركات على الخروج. وقال: «إنها تسعى إلى عكس ذلك». ومضى يقول إن الحكومة الكندية «تحاول السماح لمنصات تداول العملات المشفرة بالبقاء في كندا، لكن أن تخضع فقط لبعض اشتراطات الإفصاح والقرارات والإجراءات التي تحمي المستخدمين من مخاطر التعثر ومخاطر الغش ومخاطر السرقة». لكنه قال إن قرار بعض الشركات الخروج من السوق الكندية سبب بعض المخاوف، خصوصاً إذا أصبح الخروجُ جماعياً. 
وذكرت إيلانا كليمين، المتحدثة باسم الهيئة الرقابية، في بيان أرسلته عبر البريد الإلكتروني، أن «هيئة البورصة الكندية ملتزمة بضمان حماية المشاركين في السوق الكندية عند تداول الأوراق المالية أو تسليمها، وبأن تبقى أسواق رأس المال الكندية منصفة وكفؤة ومبتكرة». وأعادت شركاتٌ أخرى تأكيدَ التزامها. وكانت شركات كوينبيز وباينانس وكراكن وجميني من بين الشركات التي أعلنت أنها قدمت «تعهداً بالتسجيل المسبق» في كندا. وقالت كوينبيز إنها اختارت مديراً من كندا، حيث يعمل لديها أكثر من 200 مهندس. وقال فرع شركة باينانس في كندا إن كتيبَ العمل الخاص بها والذي قدّمته، يحدد الكيفيةَ التي تنوي العمل بها. في الوقت الحالي، وحسب الموقع الإلكتروني لهيئة البورصة الكندية، فإن عدداً محدوداً جداً من منصات تداول العملات المشفرة لديها إذن بالعمل في كندا، منها شركة فيديلتي لخدمات الأصول الرقمية وشركة بيتفو. وتم حظر عمل شركتي كوكوين وبوبونييكس من العمل في البلاد. 

أليسون فرسبريل ويوكي يانغ

محرران اقتصاديان في «بلومبيرج» 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»