النظام العسكري شكل من أشكال الحكم السائدة على الساحة السياسية في بعض أجزاء العالم، حيث تكون قيادات الجيش الأقوى والأكثر تأثيراً هي المجموعة الشرعية التي تملك السلطة السياسية وتسيطر على محاور الاقتصاد وثروات الدول. ومع ذلك لا يمكن تصنيف الأنظمة العسكرية ببساطة على أنها حكومات يسيطر عليها الجيش لأنها نادراً ما تكون عسكرية بحتة في تكوينها، حيث يلعب البيروقراطيون المدنيون والسياسيون وأصحاب رؤوس الأموال بشكل عام دوراً في تلك الحكومات، وفي أحيان أخرى تكون قيادات الجيش ممن تم تجنيدهم ورعايتهم من الأحزاب السياسية المؤثرة وتجهيزهم للإمساك بزمام السلطة، ولا يختلف دور تلك الأحزاب العريقة عن تنظيمات «الإسلام السياسي» التي تتبعها خلايا وتفريعات سرية، وهي تقوم على الأيديولوجيات النخبوية وتبني عقيدة الدولة العميقة، وهو ما يحدث في الغالب. 
وترتبط الأنظمة العسكرية عموماً ببعضها البعض، ولها تحالفات طويلة الأمد مع قوى محلية وإقليمية ودولية تخدم مصالحها ومصالح تلك القوى، وهكذا تظهر الأنظمة العسكرية في أغلب الأحيان على أنها نتاج أزمات سياسية واقتصادية ومجتمعية، وتبرز كقوى وطنية خالصة دورها حماية أراضي الدول وحماية مواطنيها ومقدرّاتها، وهي تأتي دائماً للإنقاذ ولتحل محل المدنيين في الحكومات الضعيفة كمرحلة انتقالية قد تستمر لعقود من الزمن، والآلية الأكثر شعبية لتحقيق ذلك هو الانقلاب العسكري من خلال استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، ولك أن تعلم أن أشهر الدول العربية المعروفة بكثرة الانقلابات فيها لم يحدث انقلاب عسكري واحد في تاريخها يتوافق مع تعريق الانقلاب العسكري، وقد تكون الأنظمة العسكرية اشتراكية التوجه وتسعى للمساواة بين أفراد المجتمع ولكنها تخضع في الأخير للطبيعة البشرية، وتتحول لحكومات مركزية تقسّم الدول لقطاعات تتوزع خيارات وخيرات الأقاليم والمدن فيها وفق المحاصصة مع الأحزاب الراعية لها والتي تتمتع بارتبطات خارجية متشابكة حتى مع أشرس أعداء أممها، والتي تسمعها دائماً ما تنادي بمناهضة الاستبداد وحماية الشعب ومقدرّات الدولة ولكنها في الواقع هي من تستغل الشعوب والدول. 
وبما أن الأنظمة العسكرية على الصعيد العالمي مسلسل درامي مشوّق، و لها منتجون ومخرجون وتتكون من عدة مواسم وفيها ممثلون رئيسيون وثانويون، وتتحول مع الوقت تلك الأنظمة العسكرية لأنظمة متمسكة بالسلطة تتبخر كل وعودها بالتخلي عن السلطة للقوى المدنية، وتتحول بالتالي بعض عناصر تلك الأنظمة إلى تجار وليس فقط رجال صناعة وأعمال، ويسيطرون على محاور الاقتصادات الوطنية، ويملكون الأراضي والحقول والمناجم ويكون لهم شبه استقلالية في إدارتها مقابل عدم تدخلهم في السلطة المركزية العميقة، بينما تجد نسبة كبيرة من الشعوب في تلك الدول لا تجد قوت يومها والخدمات العامة المقدمة لها توصف في أحسن الأحوال بالكارثية، وتخدّر الشعوب بشعارات الحفاظ على التراب الوطني والتلويح بالمخاطر والتهديدات التي تقف على الأبواب، وذلك بعد أن كان النظام قد خلقها لتوحيد الصفوف الوطنية، ولذلك فالنظم الشعبوية، هي السائدة في ثوب عسكري مما يجعل النظم الحاكمة الرشيدة مستعصية على تلك الدول.
الجيوش تتمتع بمكانة عالية في العديد من دول العالم لكونها باستمرار بين المؤسسات الأكثر ثقةً والأكثر نزاهةً والأقل قابليةً للفساد، لكن مكمن الخطر يتمثل في وضع المؤسسات المدنية تحت الإقامة الجبرية.
وفي حقيقة الأمر من غير المعيب أن يكون الجيش سياسياً، ولكن في الوقت نفسه جيشاً يتجنب الطائفية والشعبوية والحزبية والتأييد المؤسسي والتأثير الانتخابي والاقتصادي، كما أن القادة السياسيين دائماً ما يستولون على جزء من الجيش كأداة قوية لفن الحكم، وقد يقعون في خطأ عدم عزل الجيش عن التسييس وتجنب استخدام الجيش كرمز لإضفاء الشرعية على القرارات السياسية، وتهديد مفاهيم المواطنة كقيمة مضافة لا تتجاوزها المؤسسات العسكرية.
*كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات