نشهد موجة من الزخم مستمرة لأسابيع من العمل بشأن تغير المناخ. فقد وعدت القيادة الجديدة للبنك الدولي بأن تضع المناخ في مقدمة أولوياتها. ودعا الرئيس جو بايدن أكبر اقتصادات العالم لرفع مستوى الطموح، وأصدر أمراً تنفيذياً طال انتظاره بشأن خفض غازات الاحتباس الحراري. كما بث «يوم الأرض» النشاط في المواطنين. واستجابت جميع هذه الإنجازات لما أعلنه علماء المناخ في العالم على أنه «تحذيرهم النهائي»، ورددت ما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بأنه «نداء واضح للجهود المناخية السريعة على نطاق واسع». 
لكن هذا ليس هو الحال بالنسبة للقطاع الخاص. وهذه مأساة، لأن لكل من الشركات والمجموعات غير الربحية نقاط قوة فريدة يمكن أن تساعد، عند دمجها، في إعادة الكوكب من حافة الهاوية، لا سيما إذا قمنا ببناء أسواق الكربون الطوعية الناجحة لتحفيز الاستثمار.
إن الاستثمار مطلوب، بالطبع. إذ سيتطلب تحقيق صافي انبعاثات صفرية أكثر من 4 تريليونات دولار سنوياً، في سباق يستغرق حتى منتصف القرن وما بعده. لكن الحكومات لا تملك الموارد. ولا يقدم العمل الخيري سوى جزء بسيط مما هو مطلوب. يمكن لمجتمع الأعمال وأسواق رأس المال تسريع حلول إزالة الكربون باستمرار وعلى نطاق واسع، ولكن للقيام بذلك، يحتاجون إلى مسار يتسم بالمصداقية والشفافية للمضي قدما. وهذا المسار لم يتم تحديده بعد.
في الدول الصناعية، يحشد القطاع الخاص مئات المليارات من الدولارات لدعم أنشطة الطاقة النظيفة واستخدام التقنيات المتقدمة. ولكن في العالم النامي، فإن رأس المال الجديد غير ملائم على الإطلاق لدعم مشاريع الطاقة المتجددة وحماية الموائل الطبيعية التي تقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. والدول الأكثر تضرراً هي الأقل قدرة على تمويل التغيير.

إلى حد ما، تتعاون الشركات والمنظمات غير الربحية لتحديد أفضل الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، ووضع القواعد لجذب أكبر عدد ممكن من الشركات للمساعدة في تمويل التقدم في المجالات الأكثر تحدياً. وقد دعت المنظمات غير الحكومية بشكل فعال إلى الالتزام بالشفافية، والإبلاغ والكشف عن الخفض في الانبعاثات.
وفي الوقت نفسه، جادلت الشركات بأنها بحاجة إلى إطار عمل ومعايير سياسية تتسق مع الممارسات التجارية السليمة وآليات السوق المألوفة ونوع من القيمة الملموسة. وقد نجح هذا النهج التآزري بالفعل في منح الأسواق التطوعية القوة.

وكانت النتيجة ظهور نموذج «أسواق الكربون الطوعية» (VCM) - مع الالتزام بتحسين أدوات القياس والإبلاغ والتحقق – وإجراء تحسينات في الاعتمادات الصناعية والتقنية القائمة على الطبيعة. لكن القرارات النهائية غالباً ما تتعطل بسبب مجالات الخلاف الأساسية، سواء الأيديولوجية أو العملية. وقد حان الوقت للتحرك بسرعة نحو نتائج أكثر إنتاجية. والسؤال هو كيف؟
(أسواق الكربون الطوعية، هي أسواق اختيارية، وتسمح للشركات التي تخطط للحياد الكربوني ولا تندرج تحت أنظمة تداول الانبعاثات الوطنية بأن تحقق أهداف خفض الانبعاثات، سواء من خلال تجنب الانبعاثات على طريق زراعة الأشجار مثلاً، أو إزالة هذه الانبعاثات من خلال استخدام تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.)

لا تستطيع معظم الصناعات اليوم إزالة الكربون تماماً من العمليات، ناهيك عن محو الانبعاثات من «سلسلة القيمة» الكربونية التي تشمل البائعين والعملاء والشركاء. مع مرور الوقت، ستكون البنية التحتية والتكنولوجيا متاحة، وستنضج الأسواق الموثوقة لجعل إزالة الكربون بالكامل في متناول اليد. بالتأكيد، يوفر قانون البنية التحتية للحزبين وقانون الحد من التضخم محركاً من شأنه تسريع البنية التحتية والتكنولوجيا الجديدة، مما يجعل ذلك اليوم في متناول اليد في الولايات المتحدة، لكن هذا سيستغرق سنوات.
في غضون ذلك، يمكن أن يُحدث النشر الذكي والاستراتيجي للتعويضات في نماذج أسواق الكربون الطوعية فرقاً كبيراً في جمع التمويل الذي يصعب تحقيقه للعالم النامي.
تسمح أسواق الكربون الطوعية للشركات بشراء تعويضات لتغطية الفرق بين جهود إزالة الكربون الخاصة بها وحالة الحياد الكربوني. كما أنها تمكن الشركات من تقديم رأس المال من خلال التعويضات المشتراة، وهي مشاريع توجد إلى حد كبير في العالم النامي.
نحن بحاجة إلى رجال الأعمال والمنظمات غير الحكومية لتسريع مناقشاتهم والاتفاق على أن الكمال لا يمكن أن يكون عدو الخير. أدت الخلافات الأيديولوجية حول أجزاء البصمة الكربونية للشركة التي يمكن معالجتها من خلال تعويضات الكربون والائتمانات إلى تأخير السوق بالفعل وعرقلة المليارات المحتملة للعالم النامي.

ومع ذلك، يمكننا أن نتعلم من الدور الإنتاجي الذي لعبته الحكومة والمنظمات غير الحكومية معاً في دفع أسواق الامتثال الناجحة في كاليفورنيا والاتحاد الأوروبي. سيبني هذا على نظام راسخ، حيث يتم تقييم الشركات للوفاء بالحد الأقصى للانبعاثات أثناء العمل على خطط إزالة الكربون طويلة الأجل.
تم تصميم الأنظمة في كاليفورنيا والاتحاد الأوروبي لتسريع التقدم، بدلاً من الخضوع للصرامة التي تعيق المداولات حول أسواق الكربون الطوعية، حيث يُطلب من المشاركين الامتثال لمعايير غازات الاحتباس الحراري، مع السماح بتداول أرصدة الكربون وتعويضاته على أساس الانبعاثات مقابل الحدود المنظمة. وبالمثل، ينبغي تشجيع الشركات في أسواق الكربون الطوعية على استخدام أرصدة الكربون لسد الفجوة بين ما هي عليه اليوم والوضع المحايد للكربون الذي تسعى جاهدة لتحقيقه.
وقد التزمت آلاف الشركات، بما في ذلك مئات الشركات المالية غير الملزمة حالياً باللوائح، بهدف صافي الصفر. كما وافقت طواعية على إجراء عمليات تدقيق الكربون، وتقليل الانبعاثات باستخدام أهداف تستند إلى العلم والكشف عن تقدمهم. في أسواق الكربون الطوعية، كما هو الحال في الأسواق المنظمة، يجب أن تشمل هذه الجهود فترة انتقالية للتعويض عن الانبعاثات التي تتجاوز النتائج المحايدة للكربون. يمكن أن يؤدي استخدام تعويضات الكربون والائتمانات إلى استثمار رأس المال لإيجاد حلول للعالم النامي الآن.

آن فينوكين
نائبة رئيس بنك أميركا السابقة ورئيسة بنك أميركا-أوروبا
جينا مكارثي
مستشارة مناخية وطنية سابقة للبيت الأبيض ومديرة وكالة حماية البيئة
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»