أثبتت الوقائع التاريخية أن مفهوم التنمية يخضع للتغير وفق تطورات أمنية وسياسية واقتصادية، وحتى اجتماعية تتحكم بها تطورات ديموغرافية، علاوة على مستوى التطور التكنولوجي والعلاقات الدولية. ولذا، ومنذ الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية ثمانينيات القرن العشرين، اقتصر مفهوم التنمية على الكميّة التي يحصل عليها الفرد من سِلعٍ وخدمات ماليّة، حيث كان الاهتمام مُنصبّاً فقط على النظرة الاقتصاديّة من خلال التركيز على النموّ الاقتصادي، كمِعيار للتقدُّم والتنمية. 
لكنْ في عام 1990 تبنّى بَرنامج الأُمم المتّحدة للإنماء مفهوماً للتنمية البشريّة، حدَّد بموجبه الإنسان بأنّه «صانع التنمية وهدفها»، انطلاقاً من أنّ البشر هُم الثروة الحقيقيّة للأُمم، وأنّ قدرات أيّ أمّة تكمن في ما تمتلكه من طاقات بشريّة مؤهَّلة ومُدرَّبة وقادرة على التكيُّف والتعامُل مع أيّ جديد. وفي عام 2002 تبنّى البَرنامج مفهوم التنمية الإنسانيّة بديلاً عن التنمية البشريّة، وعرّفها بأنّها «عمليّة توسيع الخيارات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة»، وتشمل بناء القدرات الإنسانيّة عن طريق تنمية المَوارِد البشريّة.
وتشير تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن عدد سكان العالم بلغ نحو 8.045 مليار نسمة. ومع الأخذ بالاعتبار ازدياد سكان الهند إلى 1.4286 مليار نسمة، متجاوزةً لأول مرة عدد سكان الصين البالغ 1.4257 مليار نسمة، فإن البلدين يشكلان أكثر من ثلث سكان العالم. لكن يلاحظ أن النمو السكاني للعملاقين الآسيويين يتباطأ في الصين بوتيرة أسرع بكثير منها في الهند، وبينما بلغ متوسط النمو السكاني السنوي في الهند 1.2% منذ عام 2011، فقد تراجع عدد سكان الصين العام الماضي لأول مرة خلال ستة عقود، وهو تحول تاريخي، يتوقع أن يمثل بداية فترة طويلة من التراجع، الأمر الذي ستكون له تداعيات على اقتصادها والعالَم. مع العلم بأن هذا التراجع الديموغرافي يعود بشكل عام إلى كلفة المعيشة التي ازدادت في الصين.
ووفقاً لتوقعات صندوق النقد، في تقرير صدر الثلاثاء الماضي، سيتوسع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 4.6% هذا العام، علماً بأنها توسعت بنسبة 3.8% العام الماضي، وهي تسهم بنحو 70% من نمو الاقتصاد العالمي. وستكون هذه المنطقة الأكثر ديناميكية بين المناطق الرئيسة للعالم، مدفوعةً بتوقعات الازدهار في الصين والهند، وهما أكبر اقتصادين كما يساهمان بنحو نصف النمو العالمي. 
ويعيش حالياً نحو 2.5% من سكان العالم، أي 184 مليون نسمة (بينهم 37 مليون لاجئ)، خارج البلدان التي يحملون جنسيتها، في حين تعيش النسبة الكبرى وهي 43% في البلدان النامية. وهناك 40% من سكان العالم، أي 3.5 مليار نسمة، يعيشون في أماكن معرضة بشدة للتأثيرات المناخية، مع العلم أن تغير المناخ يهدد بإذكاء ارتفاع معدلات الهجرة. وأشار تقرير للبنك الدولي عن «التنمية في العام 2023.. المهاجرون واللاجئون والمجتمعات»، إلى ارتفاع نسبة المسنين بين سكان مختلف بلدان العالم بوتيرة غير مسبوقة، مما يزيد من اعتماد العديد من البلدان على الهجرة حتى تتمكن من تحقيق نمو طويل الأجل. ويرى البنك أن هذا الاتجاه يمثل فرصةً فريدةً لتحسين دور الهجرة في خدمة الاقتصادات والناس. وركز التقرير على أهمية التعاون الدولي لجعل الهجرة «محركاً قوياً للتنمية»، خصوصاً إذا أُديرت بشكل سليم، وضمن استراتيجية العمل لدى دول المنطلق ودول المقصد، حيث تصبح قوةً دافعةً لتحقيق الرخاء والتنمية، وبشكل يساعد في تعزيز نمو الاقتصاد العالمي. 
 
كاتب لبناني متخصص في القضايا الاقتصادية