تنطلق سلسلة من الطقوس المثيرة للسخط بعد عمليات إطلاق النار الجماعية المنتظمة في الولايات المتحدة. أحد الأمور الأكثر إحباطاً هو الاستقطاب الشديد على المستوى السياسي الذي يشي بأنه لا طريق لتحقيق تقدم.

وإذا كان من المستبعد العودة إلى فرض حظر على الأسلحة الهجومية، فإن الشيء الأهم الذي يمكننا عمله هو تحديث نظام التحقق من الخلفية الجنائية، الذي يحظى بقدر ضئيل من التوافق بين الحزبين. والمطلوب هو عمل شاق في الفروع الإدارية، وهناك تقدم كبير يمكن رصده في هذا الصدد، لكننا نحتاج الآن إلى المزيد.

يجمع «النظام الوطني للفحص الفوري للخلفية الجنائية» الذي يطبقه مكتب التحقيقات الفيدرالي بين ثلاثة قواعد لبيانات سجلات التاريخ الجنائي على مستوى الولايات وعلى المستوى الفدرالي وأخرى تسمى الملفات الساخنة. وقبل إنشاء هذا النظام في عام 1993، كان فحص الأسلحة من اختصاص الولايات، وما تزال بعض الولايات تجري المراجعات الخاصة بها.

ويتحقق النظام من السجلات للموافقة على الشراء من تجار الأسلحة الحاصلين على ترخيص اتحادي أو رفضه بالنسبة للفئات «المحظور عليهم» الشراء، ويشمل هؤلاء: المجرمين، والهاربين، ومتعاطي المخدرات المدانين، ومن دخلوا البلادَ بطرق غير مشروعة، والذين تخلوا عن جنسية الولايات المتحدة، وأي شخص أُعفي من الجيش للإخلال بالشرف، والذين صدر بحقهم أمر زجري فيما يتعلق بشريك حميم، أو المدانين بارتكاب جنحة عنيفة، وأي شخص «قضي» بأنه يعاني من «خلل عقلي»، أو كان نزيلاً في مؤسسة للأمراض النفسية. هذا النظام جيد على ما يبدو، لكن للأسف فإنه يظل وعداً كاذباً، إذ لا يزال يعاني من فجوات هائلة في البيانات وثغرات وخلافات بشأن كيفية تحديد الفئات المحظور عليها شراء أسلحة.

وتقدم سجلات الصحة العقلية مثالاً محيراً بشكل خاص. فقوانين حماية الخصوصية الخاصة بالولايات تحظر غالباً تبادلَ السجلات وتفتقر معظمُ الولايات إلى مسؤول اتصال يقوم بجمع البيانات وإرسالها لمكتب التحقيقات الاتحادي.

في أبريل 2007، قَتل «سيونج-هوي تشو» 32 شخصاً في الجامعة الفنية في فرجينيا بأسلحة اشتراها على الرغم من أنه كان يتلقى علاجاً نفسياً بأمر المحكمة، وهي سجلات لم تجد سبيلها قط إلى النظام. ويعاني العديدُ من أنواع السجلات الأخرى من فوضى لا تحد من مخاطرها. فهناك ملايين سجلات الاعتقال التي يمكن الوصولُ إليها، لكن لا توجد غالباً معلوماتٌ رصينة بخصوص ترتيب القضايا.

وخلُصت دراسةٌ أجراها في عام 2013 الاتحادُ الوطني لمعلومات وإحصاءات العدالة إلى أن ما يقرب من ربع الأحكام في الجنح «لم تكن متاحة» في النظام الوطني للفحص الفوري. وهذه القائمة الواقعية من المشكلات المتعلقة بالبيانات تخفي عواقبَ مفجعة.

ففي أواخر عام 2021، حصلت عائلاتُ تسعة أشخاص قتلوا قبل ست سنوات في كنيسة في شارلستون على تعويض قدره 88 مليون دولار من وزارة العدل في دعوى أقاموها تزعم أن الفجوات في بيانات النظام الوطني للفحص الفوري مكنت قاتلاً عنصرياً من الحصول على سلاح على الرغم من القبض عليه في وقت سابق في قضية مخدرات. وأنحى تقريرٌ داخلي لمكتب التحقيقات باللوم في ذلك على «الردود التي لم تصل في وقت مناسب أو «السجلات غير الكاملة» من قبل وكالات إنفاذ القانون الأخرى. في مقابل تلك الخلفية المحبِطة، كان هناك تقدّم مهم.

فبعد مرور أقل من عام على إطلاق النار في الكلية الفنية بفرجينيا، أقر الكونجرس بدعم من الجمعية الوطنية للبنادق، قانونَ تحسين النظام الوطني للفحص ووقّعه الرئيس جورج بوش. وبلغ إجمالي 32 منحة مقدمةً خلال السنة المالية 2020 لوكالات تعمل على مستوى الولايات 42.4 مليون دولار. وهناك اليوم قوانين في 36 ولاية تلزمها بتقديم سجلات الصحة العقلية للنظام الوطني للفحص الفوري. وزاد عدد السجلات في النظام إلى 6.88 مليون في مطلع هذا العام من 531 ألفاً في نهاية عام 2008.

وقالت جماعة «إيفريتاون» المعنية بالرقابة على الأسلحة، إن حالات رفض مشتريات بسبب مشكلات تتعلق بالصحة العقلية ارتفعت إلى 11 ألف حالة في عام 2017 من 960 في عام 2008. لكن هناك ثماني ولايات لديها قوانين غير ملزمة وإنما تجيز فقط تقديمَ تقارير وهناك ست ولايات أخرى من بينها العاصمة واشنطن لا توجد لديها أي قوانين ذات صلة على الإطلاق.

وأضاف قانون المجتمعات الأكثر أماناً الذي أجازه الكونجرس تحديات وفرص جديدة، بتوسيعه الفئات المحظور عليها شراء السلاح لتشمل مدانين في قضايا عنف أسري أو خاضعين لقيود. ومن بين العيوب الرئيسية في النظام الوطني للفحص الفوري تحديد هوية المشتري المحتمل للسلاح ببساطة، ذلك أن القانون يقضي بإظهار رخصة القيادة التي يسهل تزويرها. ومن المسلّم به، أن هذه الأنواع من المخاوف لا تترجم بسلاسة في ثقافتنا السياسية الحالية المتمثلة في الاحتفالات الصاخبة، لكن هذه القضايا تتطلب المزيدَ من الاهتمام العام، والتغطية الإعلامية، واهتمام قادة الشرطة ومكتب التحقيقات، والرئيس والكونجرس، وتتطلب المزيدَ من الأموال.

*صحفي متخصص في شؤون العدالة الجنائية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»