رسخ سيدي صاحب السُّموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مسيرة التنمية والتطوير، مستلهماً القيم الأصيلة السامية التي أرساها الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وسار على نهجها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، فها هو اليوم يحمل شعلة البناء، واضعاً نصب عينيه رفعة البلاد وشعبها، وتحقيق أماني أبنائها. تعيش دولة الإمارات انبثاق عهدٍ من العملِ الجاد، والرؤيةِ الملهمة، المستندة إلى مبادئ متجذّرة، وطموحٍ يعانق الفضاء، واهتمام ببناء الإنسان باعتباره عماد التنمية ومسيرتها، والنهضة وروحها، والعنصر الأساس في بناء مجتمع خلّاق، مثابر، طموح، ومبتكر.

كل هذه القيم والمبادئ يمكن لأبناء الوطن وللمقيمين على أرض الإمارات المباركة تلمُّسَها، فالقيادةُ تسير وفق رؤيةٍ نوعيةٍ ترنو للمستقبل. وما شعار عام الاستدامة «اليومُ للغد» إلاّ نموذج لفكرِ سموِّهِ ولخطّةِ العملِ الوطنية الشاملة، ولفكرِ قيادةِ دولة الاتحاد، فمِنْ نِعم الله جلَّ جلاله على دولتنا أن حظيت بقيادةٍ متفانيةٍ تعملُ للوطن ولمواطنيه، تضع نصبَ أعيُنِها الريادةَ والتميّز في كل المجالات، تقرن القولَ بالعملِ، والإنجازَ بالابتكار. وكما قال صاحب السُّمو، رئيس الدولة،  حفظه الله، في خطابه الأول للشعب في يوليو 2022، فإنّ «شعب دولة الإمارات محورُ اهتمامِ الدولة وعلى قمة أولوياتها منذ نشأتها، وسيظلّ منهج سعادة المواطن ورعايته الأساس في كل خططنا نحو المستقبل»، وهذا ما يعكس النموذج الفريد للتلاحم بين القيادة والشعب، ويجسّد قيمة أبناء الوطن لدى القيادة الرشيدة، والنهجَ الذي مكّن دولتنا كي تغدو مصدرَ إلهامٍ وأملٍ لشعوب المنطقة والعالم.

رؤيةُ سيدي صاحب السمو، رئيس الدولة، حفظه الله، منبثقة من المستقبل وتعمل للمستقبل، تتخذُ من الحداثة والعصرنة سبيلاً، وتنشدُ العلمَ والابتكار والتنوير، أدواتٍ لتحقيق التنمية والازدهار. إنّ تطلعات القيادة الرشيدة للعقود المقبلة من مسيرة التنمية تنصبّ على محاور مبتكرة، كالتعليم النوعي الذي يواكب، بل يصنع المستقبل، فكان الاهتمام بتعليم الطفولة المبكرة وتطوير الاستراتيجيات والآليات لتعزيز المنظومة التعليمية حرصاً على تأسيس جيل المستقبل المتمكّن بالمعرفة والمهارات المتقدمة، بما يخدم بناء اقتصاد قويٍّ مزدهرٍ ومستدامٍ، يلبي طموحات قيادة الدولة، ويسهم في تحقيق الريادة للاقتصاد الوطني في بيئة تنافسية تقودها التكنولوجيا المتقدمة، ويحرّكها الذكاء الاصطناعي.

وعبر تسخير مقومات النجاحِ والتميّز لتحقيق الرخاءِ لشعب دولة الإمارات والمقيمين على أرضها، تنطلقُ رؤيةُ صاحب السُّمو رئيس الدولة، حفظه الله، راسمةً ملامحَ المستقبل، إذ أنّ بناءَ الإنسانِ والرهانَ على الإنسان الإماراتي وعلى إبداعه وقوته، هو الأساس لتوفير مستقبل مستدام، فدولة الإمارات تمتلك ثروةً فتيّة وشابّة. ومن هنا، فإنّ الرؤى الوطنية للخمسين عاماً المقبلة، تعتمد على المواءمة بين الاستثمار في التعليم المبكر، والاستثمار في العلوم المتقدمة والتكنولوجيا، وفي شتى قطاعات الإبداع والابتكار.

وقد جاءت التوجيهات السامية للشروع في«تصميم المستقبل» من خلال فكر متقدّم يحفّز التمكين الاقتصادي للشباب، لكونهم عماد التنمية، في كل قطاعات الاقتصاد الوطني، خاصة في القطاع الخاص. فالعمل على الاستثمار في رأس المال البشري للخمسين عاماً المقبلة، لا يتأتّى إلاّ بتعزيز نسبة التوطين في القطاع الخاص، وتأهيل أبنائنا للارتقاء بقدراتهم وطاقاتهم وإبداعاتهم، وتشجيعهم على اقتناص الفرص الهائلة والواعدة الكامنة فيه، وذلك من خلال تنمية الكفاءات والمواهب الوطنية، وتحفيز المشاريع ذات الأفكار المبتكرة، ودعم رواد الأعمال لاقتحام المستقبل ومجالات الاقتصاد الناشئة عبر مشاريع القرن المقبل التي تعزّز ريادة دولتنا الحبيبة التي تنشد القيادة الحكيمة ديمومتها، من خلال تنويع الموارد باعتباره ضرورةً استراتيجية، والبناءَ على الشراكات القائمةِ وتوسيعِها، وفقَ رؤيةٍ طموحة تدعم تعزيز التنافسية الاقتصادية للدولة حتى تواصل تحقيق المراتب المتقدمة. وكلُّ هذا ليس إلاّ مرتكزَ كلِّ خططِ السير نحو المستقبل، وهو ما يحظى باهتمام صاحب السمو رئيس الدولة الذي يؤكد دوماً على سعادة المواطن ورعايته، وعلى أولوية تمكين النساء والشباب، فاستقطاب المواهب، خاصة من أبناء الإمارات، هو الرهانُ الحقيقي للحفاظ على مكتسبات دولتنا.

وفي مواكبة النجاح على المستوى الداخلي، حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على تنمية العلاقات الخارجية للدولة عبر تعزيز جسور الشراكة والحوار والعلاقات الفاعلة والمتوازنة مع دول العالم، تقوم على الثقة والمصداقية والاحترام المتبادل. فصاحب السُّموِّ رئيس الدولة يملكُ رؤيةً متكاملةً، واضحةً جليةً، للمكانة العالمية لدولة الإمارات ولدورِها في بناء وصونِ الأمن والسلام وترسيخ أسس الاستقرار والازدهار، وفي تقوية أواصر الصداقة وتشييدِ شراكاتٍ استراتيجية نوعيّةٍ على أسسٍ راسخة من حسن التعامل والتعاون البنّاء بين دولتنا ودول وشعوب العالم. وفي هذا السياق، عقد سيدي صاحب السمو رئيس الدولة خلال الـ 12 شهراً الماضية فقط ما يقارب 172 لقاءً واجتماعاً مع قادة العالم، سعياً لبناء الشراكات الإيجابية، وتوطيد علاقات الدولة، والإسهام في ترسيخ موقعها العالمي.

رؤيةُ سيدي صاحب السمو رئيس الدولة تعتمد الحكمةَ والحوارَ نموذجاً للعمل الدبلوماسي، وكل ذلك ضمن فكرٍ استراتيجيٍ محوره مكانة دولة الإمارات وأمنها وازدهارها. فخلال الـ 365 يوماً الماضية كانت الجهود الطموحة لتحقيق المزيد من الإنجازات التي ترفع راية دولة الإمارات، وتعزّز دورها إقليمياً وعالمياً وتأثيرها على أشُدِّها، بهدف ترسيخ المكانة الدولية المرموقة التي حقّقتها الدولة خلال نصف القرن الفائت بفضل حكمةِ وحنكةِ قيادتِها، ومثابرةِ دبلوماسيّتِها ودبلوماسيّيها، وطموح أبنائِها وإخلاصِهم. المسيرة ماضية بثقة عالية نحو المستقبل، وها هي دولة الإمارات وقيادتها تعمل على تعزيز جسور الشراكة والتعاون والحوار والعلاقات الفاعلة المتوازنة القائمة على الثقة والمصداقية والاحترام المتبادل مع دول العالم لتحقيق الاستقرار والازدهار لجميع الدول والشعوب، وترسيخِ قيمها الراسخة في توطيد السلم والاستقرار في منطقتنا والعالم. فدولة الإمارات ستبقى داعمة للسلام والاستقرار في منطقتنا والعالم، وستستمر - على نهج زايد الخير - عوناً للشقيق والصديق.

وبينما تستعد لاستضافة مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (COP28) في دورته الثامنة والعشرين بعد ستة أشهر في مدينة إكسبو دبي، تؤكد دولة الإمارات صدارتها في جهود التنمية المستدامة، فإلى جانب سياستها النشطة لتحقيق الهدف الأسمى للإنسانية وهو القضاء على الفقر من خلال مشاريع تنموية للدول النامية، وتقديم المساعدات الإنمائية لها، ها هي دولة الإمارات تقود العمل الدولي في سبيل حماية كوكب الأرض والبشرية عبر العمل على حشد الجهود لإيجاد نقلة نوعية في العمل المناخي من خلال حلول مبتكرة وفق منظورٍ شاملٍ وعملٍ جماعي تكامليّ يحقّق الأهداف المتفق عليها، بما يحقق الازدهار المستدام للأجيال القادمة. حفظ الله دولة الإمارات، وحفظ قيادتها، ومسيرة نهضتها، واستقرارها، وأبناءها.

سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان*

*وزير الخارجية