كان عرض الرئيس البولندي «أندجي دودا» تسمية قاعدة عسكرية أميركية مقترحة في بلاده «فورت ترامب»، إذا وافقت الولايات المتحدة على إقامة القاعدة، مزحة، لكن ليس بالكامل. بالنسبة لبولندا، يمثل تعامل ترامب مع التحالفات الأمنية فرصة لتحقيق هدف استراتيجي متمثل في إقامة وجود عسكري أميركي دائم على أراضيها. لقد اعتاد ترامب طرح أرقام كبيرة، حيث إن إشارته هو، وليس الرئيس دودا، إلى مبلغ الملياري دولار تجعل الرقم موضع شك، خاصة أن وزير الدفاع البولندي «ماريوس بلازاكزاك» نفى أن يكون النقاش تطرق إلى مبالغ بعينها.
بيد أن ترامب سبق أن ذكّر وزير الدفاع البولندي في مايو الماضي بأن وارسو ستقدم ملياري دولار لإنشاء البنية التحتية اللازمة لتمركز فرقة مدرعة أميركية في بولندا. ويومها قالت السفيرة الأميركية لدى «الناتو» إن الفكرة لم تكن مطروحة للنقاش.
لكن لهجة ترامب، الثلاثاء الماضي، كانت مختلفة، فقد عرض عليه دودا ما يحبه: المال والحروف الذهبية التي تدون اسمه.
إن مبلغ ملياري دولار مبلغ كبير، لكنه ليس كبيراً جداً، فهو كبير مقارنة بمبلغ المليون دولار الذي عرضت الحكومة الألمانية أن تساهم به خلال عشر سنوات للحفاظ على الوجود العسكري الأميركي هناك. وهو كذلك يمثل جزءاً كبيراً من الإنفاق الدفاعي السنوي لبولندا والبالغ 11.1 مليار دولار. وهو أيضاً ليس مبلغاً كبيراً قياساً لما تنفقه الولايات المتحدة على قواعدها العسكرية.
من خلال تأطير المسألة كما فعل «دودا» –«أنتم تأتون، ونحن ندفع»، فإنه يخاطر دودا بإغضاب زملائه في «الناتو»، الذين قد يُطلب منهم أن يحذوا حذوه أو يواجهوا التزام الولايات المتحدة الآخذ في الذبول. لكن ربما لا يكون أمامهم خيار سوى تبني نهج المعاملات هذا. لكن دودا لا يقوم بمخاطرة كبيرة هنا. فبلاده لن تتخلى عن مشروعها المهم بعد رحيل ترامب. إنها فقط ستتأهب من أجل وجودٍ عسكري دائم في عهد خلفه.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»