«لولا التسامح، ما أصبح صديق مع صديق، ولا شقيق مع شقيق»، هذه مقولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- ونحن في عام جديد، ندعو الله أن يجعله عام خير وسلام للعالم أجمع. وبتوجيه من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تم رسمياً إقرار عام 2019 «عام التسامح». وسيكون العام الجديد حافلاً بالمنتديات الفكرية والأنشطة والفعاليات التي تحث على قيم التسامح وقبول واحترام الآخر، ونبذ العنف والتطرف، وبث روح الاعتدال في مجتمع الإمارات ليكون نموذجاً، للتعايش السلمي.
قيمة التسامح، تبدأ من المصالحة مع النفس، بتنقيتها، من الكراهية وتحليتها بالمحبة، لخلق انسجام نفسي، يؤهل الفرد للتسامح مع الآخر، ولعل مقولة الشيخ زايد رحمه الله، توضح قيمة التسامح ومفاعيلها، لتحافظ على علاقات الناس بعضهم ببعض. هذه المقولة، تعيد بنا إلى مرجعية التسامح كقيمة أخلاقية، معيارا لكل بناء إنساني تقدم وحضاري، على شكل مدن وبلدان، في علاقة توافقية من التعاون والاتحاد، هذا ما استوعبه مبكراً، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- طيب الله ثراه - في جعل «روح التسامح» وسيلة مُثلى لتدشين الدولة وإرساء الاتحاد، بالحوار والتفاهم، ما ذلّل كل العقبات والحدود التي كانت تقف في مسيرة الوحدة، وانطلقت هذه التجربة التنموية الاقتصادية والتنمية الإنسانية في مفهومها الشامل، بالتسامح والانفتاح إلى العالمية.
ديننا الحنيف، منبع للتسامح ويغذي به الفرد والمجتمع، فنرى التسامح مبثوثاً في كل الشعائر والتشريعات الإسلامية، تحت تسميات متنوعة. والإسلام بصفته دين الإنسانية والتسامح، يسعى إلى تحقيق التواؤم والتواد والتعاطف والإحسان بين الناس جميعاً، فقد تميّز بالتسامح حتى جعله سمة بارزة، بما يتوافق مع معناها الإنساني الشمولي، ودعا إلى التراحم والعفو عند المقدرة. فلولا التسامح تجاه غير المسلمين، لما انتشر الدين الإسلامي في أنحاء المعمورة، ولا يزال الإسلام يواصل انتشاره رغم الظروف.
وإذا كان التسامح يسود السياسة وعمل المؤسسات والمنظمات والمجتمع الدولي، لأمكن تجنب مشكلات دولية عديدة، وتجنب حروب وكوارث ومآس إنسانية واضطهادات. ما يحيط العالم من إرهاب، هو راجع إلى غياب روح التسامح في نفوس المتطرفين.
في سياق روح التسامح، المنبثقة من قيم الأخلاق الإنسانية تتماهى مضامينه، في كل الأديان والمبادئ العالمية، وتحديداً نورد ما ذكره الحاخام البروفيسور «روفين فايرستون» أستاذ «ريجنشتاين» المتخصص في اليهودية بالعصور الوسطى والإسلام في كلية «الاتحاد العبرية» بالولايات المتحدة الأميركية، وذلك عندما تحدث في «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، تحت عنوان «حلف الفضول» في أبوظبي، فعرض تجربة اليهود من حيث الحقوق في التاريخ، فلاحظ أنهم كانوا يفتقدون أبسط حقوقهم في العهد المسيحي، بعكس ما كانت عليه أحوالهم بالعهد الإسلامي...وفي العصر الحديث تناسوا ما تعرضوا له من ظلم وراحوا يظلمون العرب!؟