في «فورت براج»، أكبر قاعدة عسكرية أميركية من حيث عدد السكان، يمكن تأجيل تطوير مدرسة ابتدائية. أما الأموال المخصصة لإجراء التحسينات في معسكر ليجون، وهو قاعدة تابعة لقوات مشاة البحرية والتي تكافح من أجل التعافي بعد الضرر الذي خلفه إعصار فلورانس، فهي أيضاً عرضة للخطر.
يريد الرئيس دونالد ترامب تمويل التوسع في بناء الجدران على الحدود المكسيكية من خلال تحويل نحو 3.6 مليار دولار مخصصة حالياً للبناء العسكري في الولايات المتحدة. بيد أن ضغط الرئيس يثير تساؤلاً له صدى أعمق هنا في كارولينا الشمالية (موطن القواعد المذكورة أعلاه) وفي ولايات أخرى ذات نزعة محافظة: ماذا يحدث عندما يقترض رئيس جمهوري أموالاً من أحد جهود الأمن القومي لتمويل جهد آخر؟
في المجتمعات المحيطة بفورت براج، تتباين وجهات النظر بشأن حيلة ترامب. فالكثيرون يشعرون بالقلق بشأن اختصار احتياجات الجنود الأميركيين وأسرهم، واحتياجات الاقتصاد المحلي. ويشك آخرون في فاعلية الجدار الحدودي. لكن حتى هنا، في مكان يعلن عن نفسه «كأكثر ولاية صديقة للجيش في أميركا»، تتشكل وجهات النظر بشكل كبير من خلال الآراء المتعلقة بالهجرة. فالعديد من السكان الذين تمت مقابلتهم يؤيدون تحرك الرئيس، ويقولون إن الوضع عند الحدود أصبح الآن أزمة أمنية حقيقية.
يقول «تشارلز هيرلبيرت»، ضابط متقاعد يقيم بالقرب من فورت براج، إنه يقوم بعمل عظيم، ومن الأفضل أن يواصل ذلك. فبدون السيطرة على الحدود «ستفقد السيطرة على البلاد»، بحسب ما يرى.
فهل تحويل الأموال من منشآت التدريب العسكري ومدارس الأطفال إلى الحواجز الحدودية سيقلل جاهزية الدفاع الوطني؟ لا يعتقد هيرلبيرت ذلك، ويقول: «لم نفتقر إطلاقاً إلى شيء عندما كنت في الخدمة.. وترامب فعل الكثير من أجل الجيش».
وفي ما يتعلق بالهجرة، يقول هيرلبيرت إن هناك حاجة لمزيد من الرقابة، «هناك طريقة للمجيء إلى هذا البلد. وهناك طريقة لعدم المجيء».
بيد أن وجهات النظر بشأن المفاضلة بين الأمن الحدودي مقابل الأمن القومي تتباين هنا وفي أماكن أخرى، وهذا يتوقف جزئياً على ما إذا كان يُنظر إلى المهاجرين كأشخاص مثابرين فروا من العنف والفقر أو كركاب بالمجان يستغلون حدوداً سهلة الاختراق للاستفادة من نظام الرفاه الأميركي.
وعلى الجانب الآخر، يرى «تشارلز ميلر»، ضابط متقاعد، أن الجدار الحدودي «إهدار للمال». وكان قد صوّت لترامب في 2016 لكنه يقول إن إعلان الرئيس حالة الطوارئ «يتجاوز سلطته». ليس الأمر أن «ميلر» لا يكترث لتأمين الحدود، فهو يقول: «أنا فقط لا أعتقد أن هذا الجدار هو الحل».
وعلى بعد بضعة أميال، توافق «جينين دودسون» على خطة ترامب لتأمين الحدود، وهي قلقة بشأن تكلفة وجود المهاجرين التي يتحملها دافعو الضرائب الأميركيون. وبالنسبة للمخاوف بشأن خفض الإنفاق العسكري، فهي تعتبر أنه على الأكثر إخفاق مؤقت. وتوضح: «إذا كانت لدينا حدود مؤمنة وتوقفنا عن توفير مليارات الدولارات للمهاجرين غير الشرعيين، فلن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً» قبل أن يتوفر لدى الحكومة المال اللازم للاحتياجات العسكرية.
وقد تتطور وجهات نظر الأميركيين المتباينة بشأن الهجرة وفقاً للوضع الأمني على الحدود. فقد شهد شهر مارس مئة ألف حالة اعتقال من قبل سلطات الحدود، وهي الأكثر في أي شهر منذ أكثر من عقد.
وقبل بضعة أيام، قال مفوض الجمارك وحماية الحدود «كيفين ماكلينان» إن الوضع بلغ «نقطة الانهيار»؛ فدورية الحدود تكافح من أجل إسكان هؤلاء الذين يتم القبض عليهم وتلبية احتياجاتهم الصحية، وأغلبهم عائلات بصحبة أطفالها.
ومؤخراً أعلن الرئيس ترامب خططاً لقطع المساعدات الخارجية عن ثلاث دول في أميركا الوسطى، هي جواتيمالا وهندوراس والسلفادور، كونها مصدراً رئيسياً للمهاجرين عبر الحدود الأميركية الجنوبية. كما هدد باتخاذ خطوة من شأنها أن تكون مدمرة اقتصادياً لكل من الولايات المتحدة والمكسيك: إغلاق الحدود الجنوبية للولايات المتحدة أمام التجارة والسفر، ما لم تفعل المكسيك المزيد لوقف تدفق المهاجرين.
ويشعر كثير من الأميركيين بالقلق على الأمن الحدودي، لكن 44% فقط يؤيدون فكرة ترامب بإقامة جدار حدودي جديد، مقابل 51% يعارضون الفكرة، وفقاً لاستطلاع للرأي أجرته جامعة مونماوث في أوائل مارس الماضي. وعند طرح سؤال حول إعلان الطوارئ وما إذا كان يمكن تحويل الأموال العسكرية إلى الحدود، تراجع التأييد إلى 33%، مقابل 65% يعارضونه.
وبينما تميل كارولينا الشمالية للنزعة المحافظة في نواحٍ كثيرة، فإنها يمكن أن تكون ولاية متأرجحة في الانتخابات الرئاسية. والكثيرون في هذه المنطقة أكثر تأييداً للقوات المسلحة مما هم للرئيس ترامب.
ويذكر أن الرئيس ترامب، في اقتراحه الأخير للموازنة، طلب 8.6 مليار دولار لتمويل الجدار. لكن في ظل القليل من الأمل في المواقفة على الاقتراح من قبل الكونجرس المنقسم، تحول إلى استخدام الأموال العسكرية. واستجابت وزارة الدفاع مؤخراً بقائمة من المشروعات التي يمكن تأجيلها.


*صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»