تعد كلمة «تقدمي» سمة بارزة للانضباط السياسي اليوم، حيث يسعى اليسار السياسي إلى تحقيق تقدم اجتماعي مع استهداف الشركات، خاصة الكبرى منها، باعتبارها عائقاً أمام الأهداف التقدمية. وترغب السيناتورة اليزابيث وارين في جعل الرؤساء التنفيذيين مسؤولين شخصياً عن إخفاقات شركاتهم، والخطاب الشائع لدى اليسار أن «كل ملياردير هو فشل سياسي»!
ورغم ذلك، كانت الشركات الكبيرة قوة تقدمية قوية في التاريخ الأميركي، ليس فقط من خلال توفير فرص العمل بل أيضاً من خلال نشر الممارسات والقواعد التقدمية.
فمثلا قدمت شركات ماكدونالدز وجنرال الكتريك وبروكتر آند جامبل.. وغيرها من كبريات شركات التكنولوجيا، الرعاية الصحية وساهمت في تحسين حياة ملايين الأميركيين.
إن علاقات الشركات الكبرى تتعلق بقيمة الأسماء الكبيرة وبناء حجم السوق. وهي لا تريد أن يشعر أي عدد من العملاء بالضيق أو التفرقة أو أن يكون لديهم سبب للشكوى، لاسيما في عصر وسائل الإعلام الاجتماعية. بالطبع، لا يحب كل العملاء هذه القرارات، لذا فإن الشركات التي تحقق أقصى قدر من الأرباح تقوم بعمل متوازن عند إصدار إعلانات عامة. وكلما زاد حجم الأعمال كانت المؤسسة أكثر تسامحاً وتحظى بتفضيل العملاء.
وربط الشركات بالتسامح والليبرالية الاجتماعية ليس مجرد مصادفة في التاريخ الحديث، لكنها تعكس أيضاً اتجاهات تاريخية طويلة الأجل. فقبل قرون من الزمان، كانت المجتمعات التجارية في المدن الإيطالية المستقلة ذاتياً في عصر النهضة، وفي الجمهورية الهولندية وفي لندن وباريس في القرن الـ18 هي أيضاً طليعة الليبرالية الاجتماعية. وقد ولّدت الطبيعة التجارية لتلك المجتمعات تأثيرات عالمية وخلقت عقلية الانفتاح.
وليس من قبيل الصدفة أن إنشاء الولايات المتحدة، التي أصبحت أكبر وأهم مجتمع تجاري موجه للأعمال في التاريخ، كان مبنياً على المثل العليا الأولية لحرية التعبير وحرية الدين.
لنكن تقدميين ونعمل على تحقيق المثل العليا للتسامح والمساواة أمام القانون.

تايلور كوين
أستاذ الاقتصاد بجامعة جورج ماسون
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»