التحولات الفارقة تصنعها وحدة الهدف، كما أن التماسك المستدام بين القوى المتحالفة بعزيمة وإرادة سياسية يعزز دور القوى المسلحة التي ترمي إلى تحقيق الأمن والسلام في اليمن، هذا البلد المهم لكافة أقاليم الجزيرة العربية. مرت خمس سنوات ونيف على إطلاق «التحالف العربي»، حملة «عاصفة الحزم» لاستعادة الشرعية.
صاحب السمو الملكي الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه- يوصي باليمن، بقوله: «خيرُكم وشرُكم يأتي من اليمن، فعليكم باليمن» بعد هذه السنين الخمس، إذا أمعنَّا النظر في المشهد اليماني لسبر أغواره وكوامنه الجيوسياسية، سنجد وقفات محلية ودولية، تتقاطع على أرض اليمن. فتضاريسها متعرجة وملتوية وكذا، السياسة فيها! بعضنا يتساءل عن الحرب ومسارها، وهل هناك في نهاية النفق وميض ضوء يبعث على الأمل؟
ومن حيث إن السياسة هي فن الممكن، فمن ثناياها، يظهر سؤال مؤداه: ماذا لو لم يستجب «التحالف العربي» بقيادة المملكة العربية السعودية لطلب الحكومة اليمنية الشرعية، بالتدخل لاستعادة الشرعية من الانقلابيين الحوثيين؟ وسؤال حيوي آخر: ما الدور الذي يؤديه «حزب الإصلاح» (الإخوان المسلمين) في محاربة الانقلابيين الحوثيين؟ وما موقفهم السياسي من التحالف العربي؟ وكذلك الأمر بالنسبة للتيار السلفي؟
ومع وقفات دولية: كيف يتصرف السيد غريفيث، ممثل الأمم المتحدة لدى اليمن، مع «الحوثيين»، وقرر منفرداً تسليم مواني الحديدة لهم دون مشاركة فريق من الحكومة الشرعية، حسب اتفاق استوكهلم. هل تصرف غريفيث من نفسه، أم أنه يتماهى مع موقف بلده بريطانيا، وتقاريره المرفوعة إلى مجلس الأمن، لا تشير إلى أية خروقات «حوثية»، ولذلك عبرت عنه الحكومة الشرعية بأنه أصبح غير مرغوب فيه.
وبشأن موقف حزب «الإصلاح»، لم يكن موقفهم واضحاً وصريحاً منذ البداية، فلا يمكن لهم المداراة في السير، فليس هناك حياد في السياسة. في جو المعركة لا يمكن وضع بندقيتك في الفراغ! بالمثال يتضح المقال: في تعز عناصر حزب «الإصلاح» تبعد عن الحوثيين بعشرات الأمتار، فلا يحركون تجاههم ساكناً، بينما يقاتلون التيار السلفي التي يتقاسم معهم محافظة تعز، فـ«الإخوان» يعرقلون تحرير تعز والعاصمة صنعاء.
على الحكومة الشرعية أن تنبري في وضع الأمور في نصابها الصحيح. وبعد مرور خمسة أعوام من الحرب، تبدو مواقف الأمم المتحدة متذبذبة، تميل إلى فريق «الحوثي»، في أكثر من مناسبة. الشرعية الدولية ليس لها أرجل تسير عليها، ونرى كلما أحرز «التحالف» تقدماً، تباكت الأمم المتحدة على الجانب الإنساني، لتحصل على هدنة، تعيد للحوثيين أنفاسهم، ويعيدوا قواهم القتالية من جديد. فربما التجاهل والتصرف من طرف واحد، ووضع المسؤولية على الأمم المتحدة والاحتلال «الحوثي»، قد يعزز الموقف، أكثر فأكثر..
بعد خمس سنوات، حافظت قوى «التحالف العربي» بقيادة السعودية على عزيمة لم تلِن في وجه العدوان «الحوثي» التابع لإيران، ولولا التحالف العربي، لتبدلت الأرض والنفوس وأصبحت فارسية ولسادت الطائفية المقيتة، ربوع يمن العروبة.
*سفير سابق