هكذا، فإنني أري «بيتر ثيل» و«سيرجي برين» يتشاجران حول السياسة مرة أخرى، وهذا ليس مفاجئاً، نظراً لأنهما كانا على خلاف سياسي لسنوات. والواقع أنه في عام 2016 أعرب «برين»، مثل كثير من أصحاب المليارات في مجال التكنولوجيا، عن قلقه العميق بشأن انتخاب دونالد ترامب، بينما كان «ثيل» من مؤيدي ترامب.
وفي العام الماضي، احتفل «ثيل» بعيد ميلاده المئة، رغم أنه يبدو في عمر الستين. وحتى وقت قريب كان يبدو من المحتمل جداً أن يستمر جداله مع «برين» لعقود قادمة. ووفقاً للخط الكلاسيكي، يزداد الناس عصبية مع تقدمهم في السن. والمليارديرات اليوم يتقدمون في العمر وقد أصبحوا من كبار السن.
حتى في أوائل القرن الـ21، أدرك عدد متزايد من الناس أن أميركا أصبحت «أوليجاركية» (حكم النخبة)، مع حصة غير متناسبة بشكل كبير من الدخل والثروة والسلطة التي يملكها عدد قليل من الناس.
وفي عام 2014، أضاف الخبير الاقتصادي الفرنسي «توماس بيكيتي»، تحريفاً آخر من خلال الإشارة إلى أن هيمنة النخبة تعتمد بشكل متزايد على الأصول، والتي قد تنتقل إلى الجيل التالي، وحذر من أننا ربما نكون متجهين نحو «الرأسمالية الوراثية»، التي سادت في القرن الـ19. لكن في حين أن سلالات الماضي صمدت لفترة طويلة من الوقت، لم يصمد القادة أنفسهم، وعاجلاً أم آجلاً، كبروا في السن وماتوا، بيد أن هذا لا يحدث كثيراً في الوقت الحاضر، ولم يكن سراً أن بعض المليارديرات العاملين في مجال التكنولوجيا، بمن فيهم «ثيل» و«لاري إليسون»، كانوا يتبرعون بمبالغ كبيرة لأبحاث «تمديد العمر»، وعلى أي حال، لم يكن هؤلاء الرجال شديدي الثراء فحسب، بل كانوا يعتقدون بوجود حل تكنولوجي لكل مشكلة، فلماذا لا يوجد حل لمشكلة التقدم في العمر والموت؟
ما يبدو، أن قلة قليلة من الناس قد فكروا فيه بجدية، هو ما سيحدث إذا نجح البحث بالفعل، سيحدث أمر واحد إذا كانت تكنولوجيا تمديد الحياة رخيصة نسبياً، ويمكن إتاحتها على نطاق واسع. حتى هذا من شأنه أن يخلق مشاكل كبيرة، ورغم ذلك، كما تبين، فإن التكنولوجيا باهظة الثمن بشكل رهيب، «إذا كان عليك أن تسأل عن تكاليفها، لن تستطيع تحملها»، لذلك فإن التكنولوجيا تؤثر بشكل مباشر على حفنة من الأثرياء فقط، لكن التأثيرات غير المباشرة لتمديد الحياة للقلة المتميزة كانت هائلة، وأستطيع القول: شريرة».
وقد تخيل بعض كتاب الخيال التخميني شيئاً، مثل ما حدث في نهاية الأمر. فمثلاً صوّرت رواية «الكربون المتغير»، لمؤلفها «ريتشارد كي مورجان»، عام 2003، مجتمعاً يستطيع فيه الأثرياء نقل وعيهم إلى كائنات مستنسخة حديثاً، هذه ليست الطريقة التي تعمل بها التكنولوجيا الفعلية، ولم يُفهم مصطلح مورجان، فمعظمنا يفضل عبارة «evergarch» (الأشخاص المستمرين إلى الأبد)، لكن تبين أن رؤية مورجان لمجتمع فاسد تماماً - بسبب ميزة شبه الخلود - كانت دقيقة للغاية.
وعلى أي حال، كان للأثرياء دائماً نفوذ هائل، ونحن نتحدث عن أشخاص كانوا متعطشين للسلطة، وكان لديهم وقت طويل لبناء الروابط وشراء النفوذ.
لكن لا يوجد شيء للأبد، حتى في عصر تمديد الحياة. ويتفاقم الغضب الشعبي ضد الأشخاص المستمرين إلى الأبد، وربما يكون قد وصل الآن إلى نقطة الغليان، يقترح البعض ضرورة تقليص نفوذ هؤلاء، من خلال فرض ضرائب باهظة على الثروات الضخمة، وهي فكرة جيدة على أي حال.
إن تمديد العمر لقلة متميزة هو، بطبيعته، تكنولوجيا مدمرة اجتماعياً، وقد حان الوقت لحظرها، يجب منع العلاج عن هؤلاء المستمرين إلى الأبد، حتى يبدأوا التقدم في العمر مثل أي شخص آخر، ولا تجعلوا أي شخص يبدأ من جديد، يجب محاكمة أي شخص يحاول التهرب من الحظر الذي لا يجب أن يكون من الصعب تحديده، قد يتمكن المليارديرات أحياناً من إخفاء الأصول التي لديهم، لكن لا يمكنهم إخفاء التقدم في العمر.
والحقيقة، أننا لا يمكن أن يكون لدينا مجتمع لائق، ما لم يشترك جميع أعضائه في بعض الأشياء الأساسية.
*حاصل على جائرة نوبل في الاقتصاد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»