يمثّل الفوز المفاجئ، يوم الأحد الماضي، لحزب من أقصى اليسار في كوسوفو، خبراً غير سار بالنسبة لآفاق اتفاق بين كوسوفو وصربيا، يفتح طريقاً أمام الطرفين للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ذلك أنه في حال أصبح «ألبين كورتي» زعيم حزب «فيتيفيندوسي» رئيساً للوزراء في كوسوفو، فإنه سيكون من الصعب عليه إقامة علاقات مع الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش – وتشكيل جبهة كوسوفية موحدة في المفاوضات.
الانتخابات المبكرة جاءت عقب استقالة رئيس الوزراء «راموش هاراديناج»، القائد الميداني السابق خلال الحروب اليوغسلافية، الذي تنحى من منصبه بعد استدعائه من أجل الاستجواب من قبل مدعين في لاهاي. وفاز حزب «فيتيفيندوسي» (الذي يعني باللغة الألبانية «تقرير المصير») بنحو 26 في المئة من الأصوات، بينما فاز حزب آخر من المعارضة، «رابطة كوسوفو الديمقراطية»، بما يناهز 25 في المئة. وكانت هذه المرة الأولى منذ استقلال كوسوفو عن صربيا في 2008 التي لم تمنح أغلبية لـ«حزب كوسوفو الديمقراطي»، الذي حصل على 21 في المئة فقط؛ بسبب الأداء الضعيف للحزب بخصوص محاربة الفساد.
وكان «فيتيفيندوسي» و«رابطة كوسوفو الديمقراطية» ناقشا تشكيل ائتلاف قبل الانتخابات، ولكن المفاوضات سرعان ما فشلت، ذلك أن «فيتيفيندوسي» يتبنى أجندة يسارية قوية، في حين أن «رابطة كوسوفو الديمقراطية» قوة سياسية من يمين الوسط. وما زال «كورتي» في حاجة إلى اتفاق مع «الرابطة» لكي يحكم. وإذا سارت المفاوضات على ما يرام، فإن كوسوفو ستحصل على زعيم لم يقاتل في الحروب اليوغوسلافية – ولكن له تاريخ مع السلطات الصربية. تاريخ لن يشجع صربيا على الكف عن جهودها لحرمان كوسوفو من الاعتراف الدولي وعضوية الأمم المتحدة.
ففي 1999، تم إيقاف «كورتي»، الذي كان طالباً ناشطاً وقتئذ، من قبل حكومة الرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميلوسوفيتش وحُكم عليه بالسجن 15 سنة، ثم أُفرج عنه بعد عامين على ذلك، عقب رحيل ميلوسوفيتش، وواصل تسيير حركة قوية يسارية في كوسوفو، داعياً إلى انضمام الإقليم ذي الأغلبية الألبانية إلى ألبانيا.
«كورتي» ينوى مطالبة صربيا بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بكوسوفو، زمن الحرب، وبتحقيق في الأشخاص المفقودين. و.
ويقول «كورتي» إنه يعتزم بدء حوار مع صرب كوسوفو، ويأمل أن يكون لهم زعيماً أفضل من فوتشيتش – رغم أن حزباً موالياً لبلغراد سبق لـ«كورتي» أن انتقده بشده في الماضي فاز بأكثر من 90 في المئة من الأصوات في المناطق ذات الأغلبية الصربية في كوسوفو.
كل هذا يشير إلى أن مواجهة كوسوفو مع صربيا من غير المرجح أن تنحسر تحت حكومة لكورتي. ثم إن «فيتيفيندوسي»، القوة القومية اليسارية، يُعد شريكاً غير مناسب في المفاوضات بالنسبة للأوروبيين.
وعلى الرغم من أن انتخابات كوسوفو كانت تنافسية ونزيهة وفق كل المؤشرات، فإن كوسوفو بلد لا يستطيع تحمل الانقسام السياسي الذي أصبح شائعاً ومألوفاً عبر أوروبا. ومن أجل الانتقال نحو عضوية الاتحاد الأوروبي، يحتاج إلى الالتفاف حول زعماء قادرين على تسويات معقولة. واليوم، ورغم أن 1.9 مليون كوسوفي مسجلون على اللوائح الانتخابية، فإن 1.8 مليون شخص فقط يعيشون هناك في الواقع. ولا شك أن إعادة المهاجرين ستكون صعبة من دون تقدم على صعيد الاعتراف الدولي والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

*كاتب روسي مقيم في برلين
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»