انتقد الرئيس دونالد ترامب، مراراً، مشروع خط الأنابيب الروسي الألماني (نورد ستريم 2)، الذي ذكر مسؤولون من الإدارة الأميركية أنه سيساعد روسيا على الإضرار بأوكرانيا ويضعف أوروبا أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن إدارة ترامب تتقاعس عن وقف خط الأنابيب بسبب صراع داخل الإدارة، والوقت ينفد. والخط هو مشروع مملوك بالكامل لعملاق الطاقة الروسي جازبروم. ولطالما انتقدت إدارة ترامب الحكومة الألمانية للمشاركة في المشروع. وهناك شبه اتفاق في الآراء في الكونجرس أن المشروع إذا اكتمل، فإنه سيكسب موسكو نفوذاً كبيراً على أوروبا، تستطيع استغلاله لتحقيق المصالح الروسية على حساب الغرب.
وخط الأنابيب يسمح أيضاً لموسكو بتخطي أوكرانيا التي تعتمد على عائدات بمليارات الدولارات، لكونها معبراً رئيسياً للغاز الروسي إلى أوروبا. ويعمل الكونجرس منذ شهور على مشروع قانون يفرض عقوبات على الشركتين الأوروبيتين اللتين تمدان خطوط الأنابيب في عمق البحر بهدف منعهما من ذلك، وبالتالي منع اكتمال الخط. لكن ترامب يستطيع تطبيق هذه العقوبات اليوم. والواقع أن هذا هو ما أوصى به مجلسه للأمن القومي في اجتماع 20 نوفمبر في البيت الأبيض. لكن وزير الخزانة «ستيفن منوتشن» الذي مثله في الاجتماع نائبه «جوستين موزينتش» عارض هذا، وحث الرئيس على ألا يمضي قدماً في فرض العقوبات.
وأخبرني أربعة مسؤولين أميركيين أيضاً، أن «منوتشن» يعمل مع أعضاء من مجلس الشيوخ لمنع تحرك الكونجرس الذي يجبر الإدارة على تطبيق عقوبات على (نورد ستريم 2)، واتصل «روبرت أوبراين» مستشار الأمن القومي بوزير الخزانة «منوتشن» يوم 21 نوفمبر الماضي ليطلب منه التوقف عن محاولة إرجاء فرض العقوبات، وأن يسير في ركاب باقي أعضاء الإدارة.
وأشار السيناتور «الجمهوري» تيد كروز وهو الراعي الأساسي لمشروع قانون العقوبات، في جلسة استماع بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى عمل «منوتشن» في الدهاليز لمنع فرض العقوبات. وأكد «كروز» أن الإدارة لديها بالفعل السلطة لتفرض عقوبات على الشركات التي تمد خط الأنابيب بموجب قانون عقوبات تم سنه سابقاً، بشأن روسيا يطلق عليه «قانون مواجهة خصوم أميركا من خلال العقوبات». وأعلن «كروز» قائلاً: «هناك للأسف بعض العناد البيروقراطي، من وزارة الخزانة بالتحديد فيما اعتقد، يتصدى لممارسة سلطة تشريعية واضحة لوقف هذا الخط. إذا اكتمل الخط، فسيكون خطأ أعضاء هذه الإدارة الذين يتقاعسون عن ممارسة هذه السلطة الواضحة».
وأوضح «ديفيد هيل» وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، أنه إذا استطاعت روسيا إتمام خط الأنابيب، فالنتيجة ستكون «سلبية للغاية» للولايات المتحدة».
ويعتقد «كروز» أن الخط قد يكتمل بعد نحو 60 يوماً، ودعا الإدارة إلى التحرك قبل حدوث هذا. ويقول عدد من المعاونين في الكونجرس إن وزير الخزانة الأميركي يعارض العقوبات لأن بعض شركات النفط والغاز الأميركية وداعميهم من «وول ستريت» وحكومتي ألمانيا والدانمارك ستعارض جميعاً التحرك. ورفض متحدث باسم وزارة الخزانة الإجابة على أسئلة بشأن تصرف منوتشين، لكنه صرح بأن منوتشن أثار مخاوف بشأن الخط في اجتماعات مع عدد من الزعماء الأوروبيين.
وفي الكونجرس، جاءت المعارضة الأساسية من السناتور الجمهوري راند بول الذي اتهم إدارة ترامب بإساءة استخدام سلطة فرض العقوبات. ورغم أن لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية وافقت على فرض العقوبات على الخط بتأييد 20 صوتاً مقابل معارضة صوتين في يوليو، لكنه لم يطرح قط للتصويت في مجلس الشيوخ.
وصرح رئيس اللجنة «الجمهوري» جيمس ريش، يوم 22 نوفمبر الماضي، أن «السماح بإتمام الخط سيكون مكسباً كبيراً لموسكو التي يريد أن يعتمد الحلفاء الأوروبيون عليها في إنتاج الطاقة. الوقت ينفد».
ولذا يجب على ترامب ألا ينتظر الكونجرس كي يحسم أمره. فلديه فرصة مثالية كي يثبت دعمه لأوكرانيا وصلابته مع روسيا. وإذا لم يتحرك فإن انتقاداته التي طالما أعلنها بشأن المشروع، ستصبح ضجيجا فارغاً، مما يقلص مصداقية أميركا بشكل أكبر في أوروبا.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»