قامت المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» بزيارة رسمية لمعسكر الاعتقال النازي السابق في «أوشفيتز» يوم الجمعة الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ توليها منصبها قبل 14 عاماً من الآن.
ومع المرور عبر البوابات الحديدية للمعسكر سيئ السمعة، والتي تعلوها كلمات «العمل يجعلك حراً»، استمعت ميركل لما قاله أحد الناجين من الموت في المعسكر، ثم ألقت كلمة حذّرت فيها من تزايد المعاداة للسامية في أوروبا ومن «النزعة التحريفية التاريخية الخطيرة». وقالت: «هذه قصة يجب سردها مراراً وتكراراً، لضمان أن نظل يقظين، ولضمان أن هذه الجرائم لن تتكرر، ولضمان أننا نحارب معاداة السامية».
وقد أعدمت ألمانيا النازية أكثر من 1.1 مليون شخص في أوشفيتز بيركينو خلال الهولوكست، غالبيتهم العظمى من اليهود. وكانت غرف الغاز بالقرب من كاركوف، بولندا، عنصراً أساسياً في الحملة النازية للقضاء على السكان اليهود في أوروبا، حيث قتل أكثر من ستة ملايين يهودي.
وتأتي رحلة ميركل، وهي الأولى التي يقوم بها مستشار ألماني على مدى ما يقرب من ربع قرن، بعد شهرين فقط من إطلاق النار المميت على كنيس يهودي في «هالي»، في الوقت الذي تحارب فيه ألمانيا مرة أخرى معاداة السامية المتزايدة بشكل ملحوظ. ويذكر أنه خلال الهجوم الذي وقع في يوم كيبور (يوم الغفران اليهودي)، وهو أقدس يوم في التقويم العبري، قام مسلح يميني متطرف يبلغ من العمر 27 عاماً بإطلاق النار على شخصين بالقرب من المعبد اليهودي بعد الفشل في اقتحامه، بحسب ما ذكرت الشرطة.
ووصف «جوزيف شوستر»، رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، زيارة ميركل بأنها «إيجابية للغاية»، وقال لصحيفة «دي تسايت» الألمانية إنه بالنظر إلى «موقف المستشارة الواضح للغاية» تجاه جرائم النازية، فيجب ألا يكون هذا سبباً للانتقاد بأنها لم تقم بزيارة الموقع حتى الآن.
وقد زارت ميركل معسكرات اعتقال أخرى، منها معسكري «دخاو» و«بوخنفالد» في ألمانيا. وتعد ميركل ثالث مستشار ألماني يزور معسكر أوشفيتز، حيث سبق أن زاره هلموت شميدت عام 1977 وهلموت كول في عامي 1989، و1995.
وقال «ريمكو ليمهوس»، القائم بأعمال مدير اللجنة اليهودية الأميركية في برلين، إنه «من المذهل» أن تكون ميركل هي المستشارة الثالثة فقط التي تزور معسكرات الاعتقال، لكنه أشار إلى أنه من المهم أنها فعلت ذلك وانتهزت الفرصة لانتقاد معاداة السامية. وأضاف أن «الرمزية تكون دائمة مهمة في السياسة. إنها ليست غاية في حد ذاتها، لكنها مهمة. فبعد مرور ما يقرب من 75 عاماً على تحرير أوشفيتز، لم تتوقف المسؤولية الألمانية».
وقد دُعيت المستشارة لحضور حفل بمناسبة الذكرى العاشرة لمؤسسة أوشفيتز بيركيناو، التي تشرف على الموقع الآن. وأعلنت الحكومة الألمانية أنها ستتبرع بمبلغ 60 مليون يورو، أو نحو 67 مليون دولار، للمؤسسة.
وقد تم الإعداد للاحتفال بإحياء الذكرى الـ75 لتحرير أوشفيتز الشهر القادم، لكن ميركل كانت حريصة على زيارة المعسكر قبل انتهاء فترة ولايتها، وفقاً لما ذكرته تقارير صحفية ألمانية.
ورافق ميركل في زيارتها رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي، حيث وقفا دقيقة صمت عند «الجدار الأسود» حيث نفّذ ضباط قوات الأمن الخاصة النازية عمليات إعدام رمياً بالرصاص.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»