القناع هو جسم يوضع على الوجه، إما لغرض الوقاية، أو التنكر، أو كجزء من الأعمال الفنية والترفيهية، وأحياناً ضمن بعض الطقوس الدينية. وتعود بداية استخدام أفراد الجنس البشري للأقنعة لأغراض مختلفة إلى حقبة ما قبل التاريخ، حيث تتضمن مقتنيات أحد المتاحف الباريسية قناعاً يعود إلى سبعة آلاف عام قبل الميلاد. ويعود أيضاً تاريخ استخدام الأقنعة في المجال الطبي إلى العاصمة الفرنسية، عندما استخدمها للمرة الأولى جراح فرنسي في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر.
وحالياً يعتبر إلزامياً استخدام الأقنعة الطبية (الماسك) في جميع الإجراءات الجراحية، والعديد من التدخلات الطبية الأخرى. وإن كان على عكس الاعتقاد الشائع، ليس الهدف الأساسي من الأقنعة الطبية هو حماية أفراد الطاقم الطبي، بل حماية المريض. فرغم أن هذه الأقنعة توفر نوعاً من الحماية لأفراد الطاقم الطبي، ضد طرطشة من سوائل حيوية يمكنها أن تدخل مباشرة إلى تجويف الفم أو الأنف، إلى أن الفائدة الأهم هي حماية المريض من السوائل التي قد تنتشر من أنف أو فم عضو الفريق الطبي، وما قد تحمله من ميكروبات، خصوصاً في الأوقات والأماكن التي يكون المريض يعاني فيها جرحاً خارجياً أو داخلياً، أو إذا ما كان جهاز المناعة لديه واهناً وضعيفاً لسبب أو آخر.
ومع انتشار فيروس «كورونا» الجديد خلال الأسابيع الماضية، هرع الكثيرون لارتداء أقنعة طبية، اعتقاداً منهم أنهم بذلك يحققون قدراً من الوقاية لأنفسهم، ولدرجة حدوث تدافع على الصيدليات في مدن كبرى مثل شنغهاي، ونفاد المخزون في العديد من المدن الأخرى، بما في ذلك حتى بعض المدن الأميركية. هذا الاتجاه لارتداء الأقنعة الطبية للحماية من الأمراض التنفسية، بدأ في الحقيقة مع وباء الإنفلونزا الإسبانية الذي انتشر عام 1919 وتسبب حينها في مقتل 50 مليون شخص. على الرغم من أن الأدلة العلمية تظهر أن الأقنعة الطبية العادية، ليست فعالة في الوقاية ضد الفيروسات والبكتيريا التي تنتقل مع الهواء، كما هو الحال في أغلب الفيروسات التي تسبب أمراضاً تنفسية. ويعود السبب في ذلك إلى أنها غالباً ما تكون غير محكمة، ولا تغطي العينين، ولا تحتوي على مرشح أو فلتر للهواء.
والحقيقة هي أن الأقنعة الطبية تحقق الوقاية للآخرين ضد انتقال الفيروس إليهم، من شخص مصاب يرتدي القناع الطبي. ليس عن طريق وقف أو منع الفيروس، فهي ليست قادرة على ذلك، وإنما من خلال وقف ومنع الرذاذ الخارج مع العطس والكحة، والذي قد ينتقل معه الفيروس لمسافات أبعد، أو أن يلوث الأسطح الجامدة، مثل مقابض الأبواب والطاولات، لتنتقل العدوى من خلالها إلى أشخاص آخرين.
وتحقق هذه الأقنعة وقاية غير مباشرة لمرتديها، من خلال منعهم من لمس أنوفهم وأفواههم بأيديهم، والتي قد تكون ملوثة من خلال الاتصال مع سطح ملوث، انتقل إليه الفيروس مع الرذاذ المصاحب لعطس أو كحة شخص مريض. حيث كانت قد أظهرت دراسة أجريت في جامعة «نيو شاوث ويلز» بأستراليا، أن الشخص العادي يلمس وجهه 23 مرة في الساعة الواحدة. وهو ما يجعل من الأيدي الملوثة، من خلال الاتصال بالأسطح الملوثة بالفيروس، أحد أهم طرق انتقال العدوى، ويجعل من منع الشخص العادي من تكرار لمسه لأنفه وفمه هي الفائدة الحقيقية لارتداء الأقنعة الطبية خارج المجال الطبي، وإنْ كان البعض يرى أن هذه الفائدة حتى لو تحققت، فهي مؤقتة، حيث ليس من الطبيعي أو المنطقي إمكانية المحافظة على ارتداء الأقنعة الطبية طوال ساعات اليوم.
ويعتبر هدف وقاية الآخرين من العدوى، سواء بسبب فيروس الأنفلونزا أو البرد الشائع، هو أحد الأسباب خلف انتشار استخدام الأقنعة الطبية في العديد من الدول والمدن الآسيوية، وخصوصاً اليابان وتايوان كنوع من المسؤولية الاجتماعية تجاه بقية أفراد المجتمع. السبب الآخر لانتشار استخدام هذه الأقنعة في بعض الدول الآسيوية، هو الحماية ضد جزيئات التلوث الهوائي، والذي تعاني منه العديد من المدن الكبرى في هذه الدول.
وعلى حسب إرشادات منظمة الصحة العالمية، يمكن تحقيق قدر من الوقاية ضد الإصابة بفيروس كورونا، وغيره من الفيروسات التنفسية، من خلال التالي: 1- الحفاظ على نظافة اليدين، من خلال غسلهما بالصابون والماء، أو استخدام السوائل المطهرة لليدين. 2- عند السعال والعطس، قم بتغطية الأنف والفم بمنديل أو بثنية مرفق الذراع. 3- تجنب المخالطة اللصيقة مع أي شخص تظهر عليه أعراض نزلات البرد أو الإنفلونزا. 4- طهي الأطعمة المحتوية على اللحوم أو البيض بشكل جيد. 5- تجنب التعامل مع الحيوانات البرية أو حيوانات المزرعة الحية، دون استخدام وسائل الوقاية المناسبة.