تعد دولة الإمارات العربية المتحدة، بحق، أرض المبادرات المتميزة، حيث انطلقت من الدولة العديد من المبادرات التي لم تقتصر أهدافها على الصعيد الداخلي، بل تجاوزت ذلك إلى الصعيدين العربي والدولي، انطلاقاً من المسؤولية الطوعية التي تتحملها دولة الإمارات تجاه شقيقاتها من الدول العربية الأخرى، والدور الذي تطمح إلى القيام به على الصعيد العالمي، بعد أن بات نموذجها التنموي أحد النماذج الرائدة إقليمياً ودولياً. وتولي قيادتنا الرشيدة أهمية بالغة للأفكار المبتكرة كأساس لهذه المبادرة، في ظل عالم تتصاعد فيه قيمة المعرفة على حساب أي قيم أخرى.
وتركز دولة الإمارات العربية المتحدة في مبادراتها على قيم الإبداع والابتكار، التي باتت تحظى بأهمية بالغة، في ظل التحولات الجذرية التي أفرزتها الثورة الصناعية الرابعة، وتشهد الدولة في هذا السياق العديد من الفعاليات التي تعقد بشكل دوري، بهدف تعزيز هذه القيم، التي كان أحدثها الدورة الـ 13 من مؤتمر ومعرض إبداعات عربية الذي عقد تحت رعاية كريمة من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، في الفترة من 24 إلى 26 فبراير الجاري في مركز دبي الدولي للمؤتمرات والمعارض تحت شعار «بناء مستقبل الأعمال والابتكار.. إنترنت الأشياء والمجتمعات» بمشاركة نخبة من الخبراء وصناع القرار والقادة من مختلف أرجاء العالم، والذي تميز بأجندة ثرية، حيث تضمن 179 عرضاً من العروض الشفوية والملصقات العلمية، بالإضافة إلى 130 جلسة علمية و10 حلقات نقاشية و5 ورش عمل متخصصة، وركزت محاور الجلسات النقاشية وورش العمل والجلسات العلمية على أربعة محاور رئيسية، ناقشت قضايا عدة مهمة، وهي: «مستقبل العمل والترفيه»، و«المدن الذكية»، و«التعلم وجودة الحياة والثقة»، و«الأخلاقيات والتكنولوجيا – إنترنت الأشياء».
وقد شهد المؤتمر، الذي نجح منذ دورته الأولى في تقديم منصة استراتيجية محفزة على الابتكار والإبداع وداعمة لجهود تعزيز ثقافة ريادة الأعمال في العالم العربي، إطلاق «جامعة حمدان بن محمد الذكية» التي كان لها الأثر الأكبر في تعزيز المكانة المتميزة في إطلاق العنان لطاقات الشباب بالتعاون مع منصة التعليم الإلكتروني «المنتور.نت»، مبادرة فريدة من نوعها تحمل عنوان «مليون رائد أعمال عربي» التي تستهدف فئة الشباب وأصحاب الأفكار المتميزة من أجل تأهيل مليون رائد أعمال عربي، وذلك من خلال نشر الوعي بمفهوم وأهمية ريادة الأعمال ودعم المهتمين للانطلاق بمشاريعهم الناشئة.
وتكتسب هذه المبادرة أهمية كبيرة، حيث تهدف إلى الوصول إلى مليون مشارك بحلول عام 2021، كما أنها ستسلط الضوء على نماذج ناجحة وقصص من الواقع لرواد أعمال ومستثمرين وخبراء في مجال ريادة الأعمال، والتي تسهم في تزويد المشاركين بالمعارف وكيفية البدء بهذه المشاريع، وفضلاً عن ذلك، فإن هذه المبادرة تعد الأولى من نوعها على صعيد توفير أفضل برامج التدريب النوعي المجاني في جميع المجالات الحيوية، تماشياً مع الجهود السبّاقة التي تقودها «جامعة حمدان بن محمد الذكية» لتخريج رواد أعمال ومبتكرين وسفراء معرفة مؤهلين لتوجيه وتعزيز عملية التقدم والتطوير.
وفي الواقع، فإن هذه المبادرة الرائدة، التي لا تخص فترة زمنية معينة، بل تمتد لخدمة الأجيال لتحويل أفكارهم إلى مشاريع ناجحة تدعم بيئة ريادة الأعمال في منطقتنا العربية، سيكون لها دورها المهم للغاية في نشر الوعي بمفهوم ريادة الأعمال وأهميتها ودعم المهتمين للانطلاق بمشاريعهم الناشئة، بما يمكّن الجيل الشاب من تحويل أفكاره الإبداعية إلى مشاريع ناجحة، وهذا الأمر سيكون له مردوده الإيجابي لجهة دعم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي. ومما لا شك فيه أن دولة الإمارات العربية المتحدة بإطلاقها وتبنيها المبادرات الفريدة باتت مركزاً لصناعة الأفكار في المنطقة، وهذا الأمر يسهم في إكساب النموذج التنموي الإماراتي المزيد من الجاذبية.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية