في ظل عصر الأزمات الذي يعيشه العالم الآن تتضاعف مسؤولية الإعلام في دعم الإدارة الحكومية والمؤسسية لهذه الأزمات، واحتواء الآثار الناجمة عنها، ولعل تفشي فيروس كورونا، باعتباره أزمة صحية عالمية، كانت كاشفة لهذا الأمر، ففي الوقت الذي كان الإعلام أحد أهم مرتكزات إدارة هذه الأزمة في بعض الدول، إلا أنه كان جزءاً من الأزمة في دول أخرى، حينما تخلى عن مسؤوليته الوطنية، ووقع في فخ الشائعات والتهويل، وبدلاً من أن يكون عامل طمأنة للمجتمع، كان للأسف سبباً للخوف والرعب.
لقد أثبت الإعلام الإماراتي في تعامله مع أزمة كورونا أنه يتحلى بالمسؤولية الوطنية وصاحب رسالة حضارية وإنسانية عالمية، فلم يقتصر دوره فقط على بث الطمأنينة والتوعية والوقاية، وإنما بعث برسائل تضامن إلى الشعوب والدول التي انتشر فيها الفيروس بصورة كبيرة، ليؤكد بالفعل أنه يجسد في رسالته مبادئ الإمارات الإنسانية والحضارية.
وأهم ما يميز تعامل الإعلام الإماراتي مع أزمة «كورونا»، هو الاستجابة السريعة والمتزنة التي لم تترك فرصة لإطلاق الشائعات المغرضة التي تثير القلق بين أفراد المجتمع، وتوحيد الرسالة من جانب وسائل الإعلام المختلفة، المقروءة والمسموعة والمرئية، وهو ما أنتج خطاباً إعلامياً فاعلاً مؤثراً يحظى بالمصداقية والموضوعية والمتابعة والقدرة على التأثير في أفراد المجتمع. إضافة إلى ما سبق اتسمت الإدارة الإعلامية للأزمة بالشفافية، حينما حرصت وسائل الإعلام المختلفة على تقديم المعلومات الخاصة بتطورات انتشار الفيروس بكل شفافية لإظهار الحقائق للمجتمع الإماراتي والدولي. كما التزم إعلامنا الإماراتي بإيصال رسائل الطمأنة لدى أفراد المجتمع، وتأكيد الثقة بقدرة المنظومة الصحية في الإمارات على التعاطي مع تطورات هذه الأزمة وتداعياتها المحتملة، خاصة أنها تطبق أفضل المعايير العالمية في مجال الإجراءات الاحترازية والوقائية.
إن نجاح الإعلام الإماراتي في التعامل مع أزمة «كورونا» حتى وقتنا الراهن إنما هو بالتأكيد تجسيد لنجاح الدولة في إدارة الأزمة بشكل عام، وتعاملها بكل شفافية ووضوح مع هذا الوباء، فالمعلومات التي تحرص الجهات المعنية على توفيرها على مدار الساعة، لا شك سهلت للإعلام القيام بدوره على الوجه الأمثل، خلافاً لدول أخرى كان الإعلام فيها جزء من الأزمة ومصدراً للشائعات، بسبب غياب الشفافية ونقص المعلومات. بينما أسهمت إدارة الإعلام الإماراتي للأزمة في تجاوب أفراد المجتمع مع حملات التوعية والالتزام بالإرشادات التي يتم بثها على مدار الساعة، كما عمقت من المسؤولية المجتمعية في مواجهة الفيروس.
لقد تعامل الإعلام الإماراتي بكل كفاءة واحترافية مع أزمة كورونا، فكانت رسائله الموجهة إلى الداخل واضحة ودقيقة ونجحت في تحصين المجتمع من الشائعات التي تستهدف بث الخوف، كما حملت في الوقت ذاته رسائل تضامن بلغات مختلفة إلى دول العالم من خلال مبادرة «أصوات إماراتية بلغات عالمية» التي تبرز جهود الإمارات ورسالتها الإنسانية في احتواء هذا الفيروس على الصعيدين الإقليمي والدولي. في الوقت الذي يبث فيه إعلامنا الوطني رسائل الأمل والطمأنينة إلى الشعوب في أوقات المحن والأزمات، فإن إعلام بعض الدول، وذبابها الإلكتروني، لا يزال يعيش على آلام الشعوب ويتغذى على ترويج الفتن والشائعات.
وإذا كان إعلامنا الوطني نجح حتى الآن في التعامل مع أزمة فيروس كورونا، فإن من المهم العمل باستمرار على تطوير الإدارة الإعلامية للأزمة، لا سيما فيما يتعلق بضرورة تشكيل خلية أزمة إعلامية تضم في عضويتها ممثلين من مختلف المؤسسات الإعلامية بالدولة مطعمة بعدد الخبراء والمتخصصين في مجال إدارة الأزمة، من أجل صياغة الرسائل الإعلامية بشكل دقيق وواضح ومفهوم، ومن المهم أيضاً وجود متحدث إعلامي رسمي خاص بالأزمة، تكون مهمته التنسيق بين وسائل الإعلام المختلفة، الوطنية والدولية، وإطلاع الرأي العام في الداخل والخارج على آخر تطورات الأزمة بشكل تفصيلي، فهذا يضمن توحيد الرسائل الإعلامية والتصدي لأي شائعات يمكن أن تظهر، وتؤثر بشكل سلبي على الجهود الرامية إلى احتواء الأزمة.
*إعلامي وكاتب إماراتي