«إذا كنا في هذه الدولة نستقل سفينة واحدة هي سفينة الاتحاد.. فعلينا جميعاً أن نعمل على تحقيق سلامتها حتى تستمر مسيرتها وتصل إلى برالأمان، ولا يجوز أن نسمح بأي تهاون يعوق هذه المسيرة لأن نجاة هذه السفينة.. نجاة لنا». تلك هي مقولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تُجسد رؤية القيادة، منذ تأسيس الدولة، في مجال ضمان الأمن والأمان للشعب، في ظل مسيرة التنمية والتقدم والتي تتطلب بذل أقصى الجهود لحماية منجزات الدولة. وباعتقادي أن تلك المقولة كانت الأساس أيضاً الذي قامت عليه سياسة إدارة الطوارئ والأزمات بشكل عام، وإدارة المخاطر بشكل خاص، التي تطبقها حكومة دولة الإمارات. وقد ثبت بالفعل نجاح تلك السياسة، منذ إنشاء الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث ضمن منظومة الهيكل التنظيمي للمجلس الأعلى للأمن الوطني بتاريخ 14 مايو 2007، وبمرسوم بقانون اتحادي رقم (2) لسنة 2011.
والأدلة الواضحة على نجاح تلك السياسة عديدة، ولعل أبرزها ما يتعلق بالمجال الصحي، وتحديداً في ثلاث أزمات. الأولى كانت أثناء مواجهة مرض أنفلونزا الخنازير «إتش 1 إن 1» في العام 2009، بينما الأزمة الثانية كانت في العام 2014 عندما تعاونت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث أيضاً مع كافة الجهات المعنية في الدولة لمكافحة فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية. أما الأزمة الثالثة، فهي التي تواجه معظم دول العالم منذ ثلاثة أشهر، ألا وهي أزمة فيروس «كورونا المستجد – كوفيد 19» والذي أصاب مئات الآلاف على مستوى العالم حتى الآن، وتسبب في وفاة ما يزيد على  20 ألفاً آخرين.
ولقد أثبتت حكومة دولة الإمارات تميزها الواضح أثناء إدارة أزمة فيروس «كورونا المستجد- كوفيد 19»، وذلك من خلال خطة الاستجابة الوطنية للأوبئة المعدية، التي تقود جهودها وزارة الصحة ووقاية المجتمع تحت إشراف الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث. واللافت للنظر أن إجراءات تلك الخطة جاءت متدرجة وعقلانية وهادئة ومتوازية مع توجيهات منظمة الصحة العالمية وتطورات انتشار الفيروس، ولذلك تمت تهيئة المجتمع لكافة قرارات كل مرحلة بالصورة المثلى. كما يتضح من نتائج نجاح تلك الخطة أن الأعمال الأساسية في قطاعات الدولة لم تتأثر، بل استمرت بنفس الفعالية بفضل خطط «إدارة استمرارية الأعمال» أثناء الأزمات. ومما لاريب فيه أن نجاح الخطة الوطنية لمواجهة الأوبئة المعدية، وتحديداً فيروس كورونا المستجد - كوفيد 19، يضرب أروع الأمثلة في «فن إدارة الأزمات» على المستوى العالمي، من خلال أداء حكومة دولة الإمارات بشكل عام، والعمل المشترك لكافة الجهات المعنية في الدولة على المستوى الاتحادي والمحلي بشكل خاص، لمواجهة تطورات انتشار الفيروس والحد من مخاطره، الأمر الذي ساهم بصورة كبيرة في وقاية المواطنين والمقيمين من ذروة تفشيه في المجتمع، وهذا يؤكد مدى التقدم في العمل المؤسسي، تطبيقاً لمقولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وتنص على: «إن تمتين مسيرتنا الاتحادية، وزيادة تماسكنا الوطني، والاستمرار في نهج التنمية المستدامة، يتطلب تعزيز التعاون الخلاق القائم حالياً بين أجهزة السلطتين الاتحادية والمحلية نحو مزيد من التنسيق المثمر بما يحقق الصالح العام في إطار من الثقة المتبادلة والتعاون الوثيق، كما يتطلب من كل المؤسسات الاتحادية القيام بالدور الوطني المناط بها في التصدي للتحديات ومواجهة المشكلات والهموم الوطنية الملحة بكل المسؤولية والشفافية».
*باحث إماراتي