«سمعت كثير من المقيمين في السوشيال ميديا يغنون النشيد الوطني الإماراتي، وأريد أعترف، والله يا أهلي.. دمعة عيني نزلت، الله يحفظكم ويحفظ البلاد اللي أنتو فيها واللي أنتو مخلصين مثل أهلها، وإن شاء الله نعدي هذه المرحلة بكم سالمين غانمين موفقين».. كلمات مؤثرة أعرب بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال متابعة جهود مواجهة وباء كورونا، عن تقديره العميق للمقيمين، واعتزازه بدورهم في مسيرة البناء والتنمية.. كلمات لا تحمل رسائل طمأنة فقط للمقيمين وإنما أيضاً لأهلهم وذويهم في بلدانهم، لأنها نابعة من قائد مخلص أخذ على عاتقه حماية كل من يقيم على أرض دولتنا الحبيبة، ودعم الجهود العربية والدولية للتصدي لهذا الوباء، وبادر إلى تقديم المساعدات للدول الشقيقة والصديقة، والتضامن معها من أجل تجاوز هذه الأزمة. كلمات ستظل خالدة في ذاكرة الوطن والتاريخ الإنساني، لأنها تعبر عن موروث الإمارات الحضاري من القيم النبيلة، وتجسد مسؤوليتها الأخلاقية في وقت شكل فيه هذا الوباء اختباراً حقيقياً للنظم السياسية حول العالم، ومدى إنسانيتها في التعامل مع هذه الجائحة.
حينما يخاطب الشيخ محمد بن زايد المقيمين بـ«أهلي»، ويصفهم بـ«المخلصين» للوطن، فإن لهذا دلالة عميقة يدركها الجميع، فالأهل لغوياً تعني الأقارب والانتماء لأسرة واحدة، أي أن سموه يضعهم في نفس مرتبة المواطنين، ولعل هذا ما يفسر المكانة الاستثنائية التي يحظى بها سموه لدى المقيمين والشعوب العربية قاطبة، التي تنظر إليه باعتباره امتداداً لمدرسة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي كان يؤمن بأن سعادة الشعب، مواطنين ومقيمين، هي الثروة الحقيقية التي تمثل الهدف الأسمى الذي ينبغي العمل من أجله، وهذا ما تسير عليه القيادة الرشيدة في الإمارات في تعاملها الراقي والحضاري مع جميع المقيمين من مختلف الجنسيات، وحرصها الدائم على تعزيز شعورهم بالثقة والطمأنينة.
في الأزمات والمحن، يحتاج الناس إلى من يطمئنهم، إلى من يأخذ بيدهم، إلى من يمنحهم الشعور بالأمان ويعطيهم الطاقة الإيجابية، وقد كان لكلمات الشيخ محمد بن زايد أكبر الأثر في نفوس الجميع، إذ لامست قلوبهم قبل آذانهم، لأنهم عرفوا فيه القائد الذي إذا تحدّث صدق وإذا وعد أوفى، وإذا قرر نفّذ، والأبَ الذي يحنو على الجميع، بل تابعوه وهو يطمئن على أهاليهم في مختلف الدول العربية، فكيف لا يبادلونه الحب والتقدير؟
وحينما يردد المقيمون من مختلف الجنسيات النشيد الوطني للإمارات، ويرفعون علمها، فإن هذا يعد أفضل استفتاء على عشقهم لهذا الوطن وتقديرهم لقيادته الرشيدة، فالنشيد الوطني هو رمز الولاء والانتماء والفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية، حيث إن مشاعر الحب الجارفة والامتنان الفياضة، التي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي من جانب المقيمين الذين تشاركوا الفيديو المؤثر والصادق للشيخ محمد بن زايد خلال قوله هذه الكلمات، هي بالتأكيد نابعة من إحساسهم بأنهم جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، فهم يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات، من مساواة أمام القانون وتعليم راقٍ وعصري، ورعاية صحية متقدمة ظهرت جلية في التعامل مع أزمة وباء كورونا، حيث يحصلون على أفضل الخدمات الطبية دون أي تمييز، وغيرها العديد من الخدمات التي تجعلهم بالفعل «مب شالين هم»، وينظرون إلى الإمارات باعتبارها وطنهم الذي يضمن لهم كل مقومات العيش الكريم.
يتساءل كثيرون: لماذا ينظر المقيمون إلى الإمارات باعتبارها وطنهم الأصلي؟ سؤال تحتاج الإجابة عليه إلى مجلدات، لكن يكفي الاطّلاع على شهادات العديد من المقيمين من أجيال مختلفة ممن عاصروا السنوات الأولى لنشأة الإمارات وحتى وقتنا الراهن، لنكتشف عمق انتمائهم الحقيقي لهذا الوطن، ورغبتهم المخلصة في الاستعداد للتضحية من أجله، فهذه ليست شعارات، بل أفعال تترجم في التزامهم الجاد بالإجراءات الرسمية لمواجهة كورونا، والنابع من الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية تجاه الوطن، دون أي ضغوط أو قيود، وفي تفاعلهم الوجداني مع مختلف المناسبات الوطنية، كيوم العلم واليوم الوطني ويوم الشهيد، حيث تتوحد مشاعرهم الصادقة مع المواطنين، ولهذا فحينما يرددون كلمات «عيشي بلادي، عاش اتحاد إماراتنا»، فإنما يؤكدون للعالم أجمع أن الإمارات هي وطن الجميع، وعاصمة التآخي والتعايش الإنساني.
*إعلامي وكاتب إماراتي