للمرة الثانية، يتأجل الموعد النهائي للاشتراك في دورة التراخيص الثانية للشركات العالمية المنقبة عن النفط والغاز في لبنان، من نهاية أبريل الحالي إلى أول يونيو المقبل. وإذا كان سبب التأجيل الأول (من نهاية يناير الماضي) يرتبط بالسعي لجذب مزيد من الشركات لتعزيز المنافسة وتكوين عدد من التحالفات، خلافا لما حصل في الدورة الأولى التي شارك فيها فقط تحالف واحد يضم ثلاث شركات هي «توتال»، «إيني»، و«نوفاتيك»، فإن سبب التأجيل الثاني، يعود إلى انتشار «كورونا» في العالم، وإعلان التعبئة العامة في لبنان لمواجهته، وتأثير تداعياته على مسار المهل المعطاة للشركات لتقديم طلباتها، خصوصا أن شركات عدة أبدت اهتمامها، واشترت البيانات والدراسات المتعلقة بالبلوكات البحرية المطروحة للمزايدة، وهي تحمل الأرقام 1 و2 و5 و8 و10.
ولكن يبدو أن «كورونا» لم يؤثر على مسيرة شركة «توتال» في أعمال الحفر في البلوك رقم 4 في منطقة البترون شمال لبنان، وهي تتوقع إنجاز مرحلة الاستكشاف في الأسبوع المقبل، مع العلم أن الحكومة اللبنانية استثنت العاملين في الأنشطة النفطية من الإجراءات المحددة في مرسوم التعبئة العامة. وقد تمكنت الشركة من الوصول إلى 3500 متر تحت سطح البحر، ونحو 2000 متر في باطن الأرض، من دون أن تعترضها أي مشاكل، وعندما تصل إلى 2500 متر تحت قاع البحر، يمكن معرفة النتائج، فإذا كانت إيجابية فلن تفصح عنها قبل توفر مجموعة عناصر تقتضيها الشروط التقنية، أما إذا كانت واضحة ومؤكدة لوجود الغاز فإن الإعلان عنها سيكون في أقرب وقت، حتى أنه في حال وجود حقل ضخم للغاز يتجاوز 4 تريليونات قدم مكعب قد تتخذ الشركة قراراً بتطوير هذا البئر، وتغيير إستراتيجيتها بحيث لا يصبح بدء الحفر في بئر البلوك رقم 9 في جنوب لبنان طارئا ومهما، في العام الحالي بل يمكن تأجيله إلى موعد آخر، الأمر الذي يفسح مزيداً من الوقت لحل مشكلة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل بوساطة أميركية، مع العلم أن شركة «إينرجين» حصلت على موافقة تل أبيب لتطوير حقل «كاريش» الذي يبعد الجزء الشمالي منه أقل من 10 كيلومترات عن البلوك اللبناني.
سبق للبنان أن تأخر 4 سنوات في إطلاق دورة التراخيص الأولى، بسبب الخلافات السياسية، ما اضطر عددا كبيرا من الشركات للانسحاب، ومنها ثلاث شركات أميركية (إكسون موبيل، شيفرون، وإنداركو) وصادف في ذلك الوقت انهيار أسعار النفط الذي ساهم بدوره بتقليص الشركات موازناتها الاستثمارية. وهذا مايحدث حاليا بسبب تأثير أزمة «كورونا» وتراجع الأسعار عالميا، إذ خفضت الشركات المنقبة ميزانياتها المخصصة للاستكشاف.ولكن لابد من الإشارة إلى أهمية نفط لبنان الذي أصبح في «عاصفة» الصراع الدولي على استثمار النفوذ «الجيوسياسي»، مع استعداد عدة شركات روسية للاشتراك في الدورة الثانية، بينما تترقب الشركات الأميركية التطورات، في ضوء تركيز واشنطن على تحالفها الإستراتيجي مع إسرائيل وقبرص واليونان، وسعيها للحصول على أكبر استثمارات نفطية وغازية في لبنان والمنطقة.
*كاتب لبناني