من خلال فعاليات وأنشطة متنوعة، أحيت العديد من الجهات والمنظمات والمؤسسات الصحية في أنحاء العالم، يوم الصحة العالمي (World Health Day )، والذي يحل كل عام في السابع من أبريل، تاريخ عقد أول اجتماع لجمعية الصحة الدولية عام 1948. فعاليات العام الحالي، أقيمت في ظل وباء فيروس كورونا، والذي أصاب 1.7 مليون شخص، قتل منهم أكثر من 100 ألف، حتى تاريخ كتابة هذا المقال. وانطلاقاً من أن الأفراد العاملين في المهن الصحية كانوا خط الدفاع الأول للجنس البشري أمام هذا الفيروس، متحملين العبء الأكبر من الإصابات والوفيات، مقارنة بالعاملين بالقطاعات الاقتصادية الأخرى، قرر القائمون على فعاليات يوم الصحة العالمي لهذا العام، أن يكون محور فعالياته وأنشطته دعم الممرضات والقابلات. وإنْ كان في ظل التباعد الاجتماعي، والعزل المنزلي، والحجر الصحي، نُظمت تقريباً جميع هذه الفعاليات والأنشطة بشكل افتراضي (أون لاين).
ومن ضمن التحديات العديدة والكثيرة التي يواجهها الأمن الصحي العالمي، ونقاط الضعف التي أظهرها فيروس كوفيد-19، اتضح بشكل جلي النقص والعجز الذي تعاني منه العديد من نظم الرعاية الصحية في الممرضات، وفي باقي أفراد الطاقم الطبي، في مختلف دول العالم. ففي الوقت الذي تشكل فيه الممرضات والقابلات نحو 50 في المئة من القوة العاملة في قطاع الرعاية الصحية، أو حوالي 21 مليون ممرضة وقابلة من بين 43 مليوناً من العاملين في الرعاية الصحية، نجد أنه حسب تقرير «مرصد الصحة العالمية» لعام 2017، يتوفر أقل من ثلاث ممرضات لكل ألف من السكان في نصف دول العالم، بل في ربع الدول ينخفض المتوفر من الممرضات إلى مجرد واحدة لكل ألف من السكان. ولذا، إذا ما كان هناك دروس تُرجى من الوباء الحالي، فيجب أن يكون أولها هو الإدراك بضرورة زيادة الاستثمار في العاملين في المهن الصحية، وخلق ظروف عمل تشجع الآخرين على الانضمام لهذا القطاع، وتحافظ على استمرارية رأس المال البشري للعاملين فيه، حيث تتضافر حالياً عدة أسباب تدفع بالكثيرين إما للابتعاد عن مهنة التمريض، أو ترك من يعملن بها لمهنتهن بعد أن كن قد قضين فيها سنوات وعقوداً، مثل التغيير المستمر في مواعيد العمل، وتحميلهن عبئاً يومياً فوق طاقتهن، نتيجة زيادة عدد المرضى الواقعين تحت مسؤوليتهن، وفقدان التقدير الكافي من الرؤساء، وضعف الرواتب والمزايا المالية.
*كاتب متخصص في الشؤون العلمية