في نهاية هذا الأسبوع يتوقع أن تجتمع لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة كي تحدد كيف يمكن للمنظمة الدولية، سيما مجلس الأمن الدولي التابع لها، أن يكون مؤسسة أكثر فاعلية في عالم ازداد خطورة أكثر من ذي قبل. وما من دولة تفوق الولايات المتحدة الأميركية حماسا ومصلحة في نجاح هذه المهمة. فمن شأن منظمة فاعلة مثل التي تخطط لها الأمم المتحدة أن تزيد من نفوذ الولايات المتحدة الأميركية، والتقليل من حاجتها من وقت لآخر إلى الجوء للعمل الفردي والأحادية، خاصة في المستقبل. ولا شك أن البحث وراء تحقيق السلام الدائم عقب انتهاء الحرب في كل من أفغانستان والعراق والسودان وليبيريا والكونغو، يتطلب من الولايات المتحدة الأميركية أن تراجع استراتيجيتها بشكل جذري، بغية تعزيز السلام العالمي. وما من سبيل أمام الولايات المتحدة للحصول على مشاركة بقية دول العالم واستعدادها لاقتسام الأعباء معها حيثما تستدعي الحاجة والضرورة، إلا حينما تدعم أميركا حملة الإصلاحات الواسعة داخل المنظمة الدولية. وفي تلك الحالة وحدها تتمكن المنظمة الدولية من التصدي لبؤر الاضطراب الأمني الأخرى في أنحاء متفرقة من العالم، داعمة بذلك في نهاية الأمر، الأهداف الأميركية الرامية لتوسيع ونشر الديمقراطية على النطاق العالمي ومحاربة الإرهاب.
وعلى رغم أن كافة دول العالم تقريبا توافق على إجراء إصلاحات داخل المنظمة الدولية ومجلس الأمن الدولي، إلا أنه لم يحظ اقتراح واحد من بين الاقتراحات المقدمة بهذا الشأن بموافقة بقية الدول عليه بأغلبية معقولة بعد. الأكثر أهمية في هذا الصدد أن إجراء تقييم شامل إلى عضوية مجلس الأمن الدولي لم يعد أمرا ممكنا من الناحية السياسية حتى الآن. أضف إلى ذلك أن التمثيل الزائد للدول المتقدمة في عضوية وتركيبة المجلس لم يعد أمرا ضروريا. ومع أن عضوية الأمم المتحدة قد نمت من 51 عضوا ابتداء، إلى 191، إلا أنه لم يجر توسيعها إلا مرة واحدة فحسب في عام 1965· كي تصل عضوية مجلس الأمن إلى الخمس عشرة دولة حاليا. وليس هناك ما يمنع تحويل تركيبة مجلس الأمن الدولي وجعله مؤسسة أكثر ديمقراطية وصديقة للولايات المتحدة، فيما لو سعى البيت الأبيض إلى كسب الدعم الدولي اللازم لإطار أمني جديد، يعمل على تشجيع القيادة المسؤولة من قبل دول العالم المنتمية إلى المناطق الإقليمية الأكثر زعزعة وعدم استقرار من النواحي الأمنية.
وفي التقدير أن أي تصور واقعي جديد لإعادة هيكلة مجلس الأمن الدولي، سيضع في الحسبان بقاء كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين فيه بصفة الأعضاء الدائمين، إلا أن هذه العضوية الدائمة ستشمل دولا أخرى مثل اليابان باعتبارها الدولة المانحة الأكبر والأكثر سخاء في دعمها لمشروعات إعادة البناء، وكذلك الهند، الحليف الحاسم في الحرب على الإرهاب، علاوة على كونها مسهما محتملا بالجنود والمقاتلين في هذه الحرب. وبعملها وتنسيقها مع كل من اليابان والهند، تستطيع أميركا الالتفاف على تمرد الصين وعنادها، بقدر ما تستطيع التغلب على معارضة روسيا أيضا.
أما المقعدان البريطاني والفرنسي، فسوف يتم اختزالهما إلى مقعد واحد يمثل فيه الاتحاد الأوروبي كعضو دائم في المجلس. وسوف تشغل هذا المقعد على نحو دوري الدولة التي تتولى الدورة الرئاسية للاتحاد الأوروبي بالمناوبة. ولما كانت فرنسا هي الدولة الأوروبية الأكثر مطالبة بأن يكون لها الصوت الأعلى في عضوية الاتحاد، فإن أمامها خيارين لا ثالث لهما: إما أن تعبر عن أنانيتها وتسعى لقطع الطريق أمام هذا التصور الجديد لإعادة هيكلة المجلس برمته، أو أن تذعن له أمام الضغوط التي تمارسها عليها القوى الجديدة ذات المصلحة في إعادة الهيكلة هذه.
فوق ذلك فإن إعطاء المنظمات الإقليمية دورا أبرز في المسرح الدولي، سيتمخض عن تعزيز وتعميق الصلات الدبلوماسية بين هذه المنظمات والدول أثناء عملها وسعيها للوصول إلى مواقف مشتركة فيما بينها. هذا ومن المفترض أن توزع العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي على كل من المنظمات الإقليمية التالية: منظمة الولايات الأميركية، جامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقي الناشئ، على أن تمثل كل من المنظمات المذكورة من قبل أعضائها على أساس دوري.
ومن شأن هذا التكامل الدولي أن يسرع من خطى بناء وإنشاء قوات حفظ سلام إقليمية. وفيما لو تحقق هذا الهدف، فسوف يؤدي إلى تخفيف بعض العبء الأمني الواقع على عاتق القوات الأميركية في العراق، والقوات الدولية المرابطة في أفغانستان، فضلا عن إسهامه في استقرار الأوضاع في كولومبيا وإندونيسيا. وقد برهن مجلس الأمن الدولي على رغبته غير المحدودة في الموافقة على الجهود والمبادرات الإقليمية الخاصة بحفظ السلام، مثلما هو حال المبادرة التي تقودها نيجيريا في منطقة ساحل العاج، خاصة في ظل الظروف الدولية الحالية التي أرهقت فيها قوات حفظ السلام الدولية، وتوزعت جهودها وقواتها فيما يربو على العشر دول مختلفة حول العالم.
ومن الفوائد السياسية لمنح ال