من وجهة نظر العلوم الاجتماعية، يمكن تعريف التصنيع بأنه تحويل المجتمع من حالته الأولى التي هو عليها إذا ما كان زراعياً أو رعوياً أو مجتمعاً لصائدي الأسماك إلى مجتمع صناعي. والمؤشر الدال على عملية التحويل تلك يتضح من قياس نسبة المنتج الصناعي في الدخل القومي الإجمالي أو من قياس نسبة القوة العاملة التي يتم توظيفها في الصناعة. وبالاعتماد على هذا التعريف يمكن الخروج بنتيجة تشير إلى أن عملية التصنيع في الدول النامية لازالت في مراحلها المبكرة، وبأن عملية التصنيع بطيئة جداً مقارنة بالأقطار الصناعية المتقدمة. إن هذه الحالة ليست قصراً على دول معينة من العالم النامي دون الأخرى، فهي تشملها جميعاً. عند استخدام مصطلح "تصنيع"، يصبح من الضروري الالتفات إلى كشف معناه لكي نفهمه بدقة، وتعود أهمية ذلك إلى حقيقة أن بعض استخدامات المصطلح تترادف مع المعنى الذي يفهم من مصطلحي التحديث والتنمية، بمعنى أن استخدامات المصطلحات الثلاثة تترادف. يشتق مصطلح تصنيع من مصطلح صناعة الذي يستخدم بشكل دارج لكي يعني القطاع الثاني من الإنتاج الاقتصادي، حيث أن القطاع الأول يشمل الزراعة والصناعات الاستخراجية كالنفط والمعادن، والقطاع الثالث يشمل إنتاج الخدمات. وطالما أنه يوجد استخدام شائع للمصطلح، لكي يعني صناعات الاستخراج والخدمات فإن ذلك يجعل من غير المناسب أن يطلق مصطلح التصنيع على القطاع الثاني بمفرده، لذلك فإن القيام بمحاولة تكييف المصطلح تساعد على تكوين فكرة أوضح لكيفية استخدامه. وعليه فإن مصطلح "تصنيع" يشتمل على أكثر من مجرد توسعة القطاع الثانوي من الاقتصاد، وهناك فائدة أكبر وأعم لتكييفه عن طريق توسعة معناه لكي يشتمل على أكثر من مجرد توسعة القطاع الثانوي من الاقتصاد، لكي يشتمل على المكننة والتنظيم العقلاني للنشاط الإنتاجي في أي من قطاعات الاقتصاد، أو حتى فيها مجتمعة، إنها طريقة لفعل الأشياء وإنتاج السلع والخدمات عوضاً عن كونها نشاطاً موجهاً إلى إنتاج مجموعة محددة من المنتجات المادية الملموسة. التصنيع يعني الاستخدام المكثف لمصادر القوة الاقتصادية الكامنة لدى المجتمع، ويتم ذلك عن طريق عملية التنظيم. ولكي يمكن إحداث ذلك تحتاج العملية إلى خمسة محتويات ضرورية هي تكنولوجيا الآلات وسوق العمالة اليدوية وتجميع للعمال بشكل مكثف في مؤسسة صناعية واحدة ووجود أنماط اجتماعية محددة لنشوء فئة من المنظمين أو رجال الأعمال الذين يقومون بدور المنسق بين الموارد المختلفة التي ينتج عن تجميها مع بعضها بعضاً إنتاج سلع معينة، وأخيراً تواجد الظروف الخاصة المناسبة لظهور أسواق تنمو بسرعة. وتوجد ضرورة لإعطاء المحتويين الأخيرين معنىً خاصاً لكي يشتملا على الحكومة ووكالاتها المتخصصة من جانب، ونظم التبادل ذات الطابع الاجتماعي من جانب آخر. وعليه فإن عملية التصنيع هي الانتقال من حالة البدائية وحد الكفاف والاشتغال الفردي والأسري المستقل، ومن أنماط الإنتاج الخاصة بالاكتفاء الذاتي إلي أنظمة الإنتاج الممكنة علمياً والمنظمة عقلانياً التي يتم وفقاً لها توظيف العمالة والإنتاج لتزويد أسواق مجهولة في داخل القطر المعني وخارجه، يتم في مقابلها الحصول على عوائد نقدية. لذلك فإن التصنيع كفعل هو التخطيط والتنفيذ الواعي لسياسات تهدف إلى تحقيق استخدام الوسائل التكنولوجية المتقدمة علمياً وبناء المنظمات المبتكرة عقلانياً في عمليات الإنتاج، وأخيراً فإن حالة التصنيع، وهي النتيجة التي تتوصل إليها عملية التصنيع، والتي هي وضع يتصف بوجود بشر، يتم جمعهم وراء آلات تدار بالطاقة الممكنة، يعملون من أجل الحصول على عوائد نقدية، بحيث ينتج عن عملية جمعهم سلع هي حصيلة عملية التصنيع، وتذهب تلك السلع إلى سوق تقوم على وجود شبكة من علاقات التبادل التجاري.