يعرّف المرض على أنه حالة غير طبيعية تؤثر على جسم الكائن الحي، ترتبط غالباً بأعراض وعلامات، وتنتج إما عن أسباب خارجية، كما هو الحال مثلاً مع الأمراض المعدية، أو نتيجة اختلالات داخلية، كما هو الحال مع أمراض المناعة الذاتية. ويتم استخدام مصطلح المرض بشكل عام في البشر، للإشارة إلى جميع الحالات التي تؤدي للإحساس بالألم، أو التي ينتج عنها اختلال في الوظائف، أو تسبب الضيق والإزعاج، أو المشاكل الاجتماعية، أو وفاة المصاب في النهاية. وفي مفهومه الأوسع، يشمل مصطلح المرض أحياناً: الإصابات، والإعاقات، والاضطرابات والاختلالات، والعدوى، والأعراض المستقلة، والسلوك غير السوي، والاختلافات غير الشائعة في التركيب أو الوظيفة. ولا يقتصر تأثير المرض على الأعراض والعلامات التي تظهر على جسد المصاب، بل غالباً ما يمتد تأثير المرض إلى الحالة النفسية والعاطفية، حيث كثيراً ما تؤدي الإصابة بالعديد من أنواع الأمراض -وخصوصاً إذا ما كانت من النوع المزمن- إلى تغيير رؤية ومنظور الشخص للحياة، وربما حتى إلى تغييرات في صفات وسمات شخصيته. ويتم تصنيف الأمراض إلى طوائف وأقسام مختلفة، حسب المحور المعتمد عليه في التصنيف، فهناك مثلاً أمراض معدية وأمراض غير معدية، وأمراض حادة وأخرى مزمنة، وأمراض جسدية وأخرى نفسية... وهلم جرا. وإن كان التصنيف الأعم والأشمل، يعتمد على أسباب ومصادر المرض في التقسيم، لينتج عنه أربعة أنواع رئيسية: 1- الأمراض الجرثومية، الناتجة عن العدوى بفيروس، أو بكتيريا، أو فطر، أو طفيلي. 2- أمراض النقص، أو مجازاً سوء التغذية، وتنتج عن نقص العناصر الغذائية الهامة، مثل الفيتامينات والأملاح، أو نقص البروتينات والدهون. 3- الأمراض الوراثية، والتي تنتج عن اختلال المادة الوراثية داخل الخلايا. 4- الأمراض الفسيولوجية، والتي تنتج عن اضطراب الوظائف الحيوية في الأعضاء والأجهزة. وأحياناً ما يسبق الإصابة بالمرض بشكله الكامل، حالة تعرف بما قبل المرض (Predisease)، وهو مصطلح يستخدم لوصف الأشخاص الأصحاء الذين يعانون من مراحل أولية لاضطراب ما، أو يعيشون تحت ظل عوامل خطر محددة، ستؤهلهم لاحقاً للإصابة بالمرض في شكله التام. وأفضل مثال على ذلك هو الحالة المعروفة بما قبل السكري (prediabetes)، أو ما قبل ارتفاع ضغط الدم (prehypertension). وعلى الرغم من أن وصف شخص ما بأحد هذه المصطلحات، قد يحمل معه خطر تحول حالة طبيعية إلى حالة مرضية، بما يتبع ذلك من تلقى لسبل علاج مختلفة، تحمل في طياتها مخاطرها الخاصة، إلا أنها كثيراً ما تستخدم لتفعيل إجراءات الوقاية بشكل مبكر، خصوصاً على صعيد تخفيف تأثير عوامل الخطر المحيطة بالشخص. عوامل الخطر هذه، وكما يدل اسمها، هي العوامل والظروف التي تزيد من احتمالات الإصابة بمرض ما. وأحياناً ما يستبدل هذا المصطلح بمصطلح محددات الحالة الصحية، على أساس أن هذه العوامل والظروف لا تزيد فقط من احتمالات الإصابة بالمرض، بل أحياناً ما تكون سبباً خلف خفض تلك الاحتمالات، كما هو الحال مع نقص النشاط الرياضي والبدني، والذي يعتبر عاملاً خطراً خلف الإصابة بأمراض القلب، لكن في نفس الوقت تؤدي زيادة النشاط البدني والرياضي إلى خفض احتمالات الإصابة بأمراض القلب، وتخفف من تأثير عوامل الخطر الأخرى. ولفهم دور عوامل الخطر، ينبغي التفرقة بين العلاقة الارتباطية والعلاقة السببية لهذه العوامل بالأمراض، حيث لا يعني ارتباط عامل الخطر بمرض ما تسببه في الإصابة بهذا المرض. فعلى سبيل المثال يرتبط سرطان الثدي بالجنس، حيث يصيب هذا المرض الإناث في الغالب، مما يجعل المرأة أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي، وإن كان هذا لا يعني أنه بسبب كونها أنثى قد أصيبت بالمرض، حيث يصيب السرطان الرجال أيضاً. ويمكن تقسيم عوامل الخطر إلى مجموعتين رئيسيتين: الأولى مجموعة العوامل الأولية، وتتضمن السن، والجنس، والأصل العرقي. أما عوامل الخطر الثانوية، فتشمل: 1- الوضع الاجتماعي والدخل المادي. 2- المكان والموقع الجغرافي. 3- الاستعداد الوراثي. 4- الهوية الجنسية. 5- المهنة أو الوظيفة. 6- الميول الجنسية. 7- مستوى التوتر المزمن في الحياة اليومية. 8- نوعية وطبيعة الغذاء. 9- حجم ومقدار النشاط البدني والرياضي. 10- شرب الكحوليات وتدخين منتجات التبغ. 11- بقية المحددات الاجتماعية للحالة الصحية، مثل الظروف الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية. وبمراجعة قائمة عوامل الخطر السابقة، نجد أن البعض منها لا حول ولا قوة لنا أمامه، مثل السن، والجنس، والأصل العرقي، بينما نجد أن البعض الآخر لا يزيد عن كونه اختيارات شخصية، ونمط أسلوب حياة اختياري، مثل شرب الكحوليات وتدخين التبغ، أو نوعية وطبيعة الغذاء، أو حجم ومقدار النشاط البدني، أو حتى الميول الجنسية. وبناء على العلاقة الارتباطية لعوامل الخطر إجمالاً، باحتمالات الإصابة بالأمراض أو الوقاية منها، وبالنظر إلى أن جزءاً لا يستهان به من عوامل الخطر تلك هي اختيارات شخصية، يمكن أن ندرك بسهولة أهمية تلك الاختيارات في تحديد الحالة الصحية للشخص، وفي احتمالات إصابته بالعديد من الأمراض، وما ينتج عنها من ألم، أو ضيق، أو إعاقة، أو وفاة مبكرة. د. أكمل عبد الحكيم