نشرت الصحف مؤخراً أخبار دعويين، في الأولى أبٌ طالب بفسخ زواج ابنته من شاب تزوجته في الخارج، لأن الزواج أجري من دون حضوره، وحكمت المحكمة بفسخ الزواج. في الدعوى الثانية سيدة في الأربعين طالبت المحكمة بتزويجها من شخص تقدم إليها، لأن والدها يرفض تزويجها منه، وحكمت المحكمة برفض الدعوى، وأيدت محكمة الاستئناف الحكم، لكن المحكمة العليا نقضته وزوّجت السيدة ممن تقدم إليها، بعد أن أبرزت ما يفيد حسن سلوكه، وأشاد ابنها (من زواج سابق) بأخلاقه، وثبت أن اعتراض الأب لا يقوم على أساس شرعي. موضوع الدعويين واحد ويتعلق بموافقة ولي المرأة على زواجها، فقانون الأحوال الشخصية الإماراتي أخذ في هذه المسألة بالرأي الفقهي الذي يرى بأن الزواج من دون ولي باطل، كما في الدعوى الأولى، وفي حال امتنع الولي عن التزويج من دون سبب شرعي، يحق للراغبة في الزواج رفع أمرها للقاضي، والذي يحل محل الولي الممتنع بلا سبب ويزوّجها بولايته، كما في الدعوى الثانية، في حين أن القانون في بعض الدول العربية أخذ برأي فقهي آخر يرى جواز تزويج المرأة البالغة الراشدة نفسها، كما في لبنان، وسوريا، ومصر، وتونس، والمغرب، أما في الجزائر، فتعقد المرأة زواجها بحضور وليها أو أحد أقاربها أو أي شخص آخر تختاره. ومن دون الخوض في الرأي الذي أخذ به القانون الإماراتي في هذه المسألة من ناحية شرعية، فثمة حاجة إلى النقاش في الجوانب الإجرائية لهذا القانون، إذ يمكن بحسب هذا القانون، كما حدث في الدعوى الأولى، لأي شخص إماراتي، أو غير إماراتي مقيم في الإمارات، المطالبة بفسخ زواج ابنته من زوجها، حتى لو كان بينهما ذرية وأولاد، إذا كانا قد تزوجا من دون حضوره في بلد يجيز فيه القانون للمرأة تزويج نفسها. ولعلّه من الضروري حصر حق الولي في طلب فسخ عقد زواج أجري في بلد آخر على الإماراتيين، لئلا تُتخذ محاكم الدولة وسيلة لفسخ زيجات غير الإماراتيين، وتشتيت الأولاد، بسبب خلافات أسرية فيما بينهم، بأن يكون للولي الإماراتي وحده حق طلب فسخ زواج ابنته الإماراتية إذا تزوجت في بلد آخر من دون حضوره، ويمكن كذلك إعطاء هذا الحق لغير الإماراتي الذي لا يجيز قانون بلاده الزواج من دون ولي. أما عن الدعوى الثانية، فقد رأينا سيدة أربعينية لديها ابن شاب، تقيم دعوى لتتزوج بعد أن رفض والدها تزويجها، ثم تناضل من أجل الزواج إلى أن تصل دعواها للمحكمة العليا، وهو ما يعني في أفضل الأحوال مرور سنة كاملة على إقامة دعواها الابتدائية، ويعني أيضاً حضور عشرات الجلسات، وتقديم الأدلة، وإحضار الشهود، لمجرد أنها ترغب في الزواج ووالدها يرفض ذلك! وربما كان من المهم استثناء دعاوى عضل الولي من الإجراءات العادية، بحيث يتم تسريع إجراءاتها وتقليص المدد الزمنية بين جلساتها بحكم القانون، أسبوع بين الجلسة والتالية كحد أقصى، فليس من المعقول أن تروح امرأة وتغدو على المحاكم لسنة أو أكثر حتى تنال أبسط حقوقها، وهو الزواج ممن ترغب.